بصورة مكررة ومزعجة، باتت متابعة التلفاز والإنترنت في عالمنا العربي اليوم “مقرفة” جداً وخطيرة. الأحداث المريضة أكثر مما يحتمل الفرد. السوء الذي يجتاحنا عبر نشرات الأخبار أو عبر حسابات في “الفيسبوك” مثلاً وكثير من المواقع الإخبارية الإلكترونية، والتي تتاجر بصور القتلى من النساء والأطفال هنا وهناك هو فوق احتمالنا مع الأسف، ناشطة إلى أبعد قدرة من الاحتمال للأسف. التنافس العجيب لعرض الصور الدموية خطير جداً، وشائع جداً، والضحية التالية هو الإنسان المستسلم أمام هذا الطوفان (على اعتبار أن الضحية الأولى هم الموتى/البضاعة). لذلك، أعتقد بأن التحدي الأبرز، هو تحييد حياتك الخاصة، وحياة من حولك، عن هذه النوافذ والمتابعات، والتي تشكل نشاطا يوميا للبعض بكل خطورة وأسف. تحديد خياراتك الإيجابية، من قنوات تلفزة أو مواقع أو تتبعك لحسابات واعية بما تقوم وبما تطرح، دون تهييج أو لاعقلانية. الأمر مؤخراً، بات في منحى جاد جداً ومؤثر. من يقدم لك الأخبار والصور “ويستحلفك بالله أن تساهم في نشرها” هو بشكل غير مباشر يستثمر (صور القتلى المكفولة بحقوق الحفظ وحرمة أصحابها) للنشر العام والعشوائي. ويسعى لاستغلالها بالإضافة إلى إضفاء التأثير السلبي على حياة من ليس بأيديهم “حل ولا عقد” في مسائل بعيدة كل البعد عن قدراتهم أو مسؤولياتهم. ما ذنب الأطفال، والمراهقين، والذين -صحياً- لايحتملون تلك المشاهد والصور في هذه التجارة والموت؟ إلى حد يمكن وصف هذه اللحظة العربية المعاصرة بالانحطاط والاستغلالية واللاأخلاقية؟ وما يزيد الأمر سوءاً، هو فقر فضائنا العربي من قوانين تلزم الجهات الناشرة بمعايير النشر الذي لايساهم في سلب الحقوق أو زرع بذور التأثير النفسي السلبي على كل متلقٍ. فاللعبة الإعلامية أكثر قذارة مما نتخيل، وباستطاعتها تهييج الجماهير لسبب غير واقعي أحياناً أو لسبب له مآرب غير إنسانية وسياسية صرفة. اليوم، المسؤولية تصبح أكثر أهمية وأكثر تعقيدا، والنأي بحياتنا عن هذه الهجمات غير المرئية، للعبة الإعلامية والتسويقية والاستغلالية عربياً، والتي قد تكون من ورائها جهات عدوانية، يخرجنا ربما بأقل النتائج، وهي تعكير : حياتك/يومك بمزيد من العنف والإحباط والأسى. إنها ثقافة الهمجية المعاصرة. Retweet : “في داخل كل إنسان أصيل طفل: يريد أن يلعب”. (نيتشه)