كثير من تجارب النشر الشخصية للمثقفين العرب (وبالأخص السعوديين) تتسم بالسرية وعدم إشراك الآخرين فيها بالتنويه أو بالتفصيل اللذين يساهمان في بناء تقييم تراكمي مؤثر لصالح النشر ولصالح من ينشرون لأول مرة. عرفتُ عن قرب، وعن طريق بعض الأصدقاء، قصة إحدى دور النشر اللبنانية، التي يملكها صديق مبدع للأسف. تخصصت بنشر الكتب الشعرية قبل سنوات قريبة، وقامت بطباعة عدد كبير من الدواوين الشعرية العربية لتجارب الشباب. ولكنها مع عدد كبير من الشعراء السعوديين، برغم مبالغتها الكبيرة في سعر الطباعة، ماطلت طويلاً في الطباعة وفي الإعلان وفي إيصال النسخ المتفق عليها. طبيعة هذا التعامل بكل استغراب غير مفهومة، وقد تكون مدرجة تحت “يجوز مع شعراء وشاعرات (بلد النفط) ما لا يجوز مع غيرهم”! كما هو متعارف عليه بين عديد من “أشباه المثقفين العرب” بكل أسف. المؤكد أن تكتم من فشلت تجاربهم مع مثل هذه الدار في الإفصاح والتشهير بسلبيات ما تعرضوا له، كان سبباً رئيساً في تكرار وقوع ضحايا جدد لهذا النشر الاستغلالي. والمؤكد كذلك عدم وجود قوانين معلنة ورادعة وتوضيحية وتحمي أصحاب المؤلفات يسهم كل ذلك في وجود سوق فاسدة لا تراعي شيئا سوى مصلحتها المالية الصرفة. في المقابل لعل هذا المقال يكون دعوة مفتوحة للمهتمين بأمور النشر والطباعة لإنشاء قائمة شهرية مستقلة، لأهم وأبرز دور النشر العربية تشتمل على تقييم خاص من المؤلفين ونبذة عن تجاربهم مع شفافية كاملة حول التعامل وجودة الطباعة والأسعار كذلك. وتكون مرجعاً لمن يرغب في ولا يعرف طريقاً آمناً. ويدفع ذلك دور النشر إلى تطوير أدائها وحماية حقوق الراغبين في التعاون معها. ولينتهي بذلك عصر الاستغلال الطويل. Retweet: الفيلة مرسومة عموماً أصغر من حجمها الطّبيعي، لكنّ برغوثة مرسومة دائماً أكبر. (جوناثان سويفت)