تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي رسالة عدد كبير من المعلمات اللاتي فُجعن على أثر الجريمة التي تمت في ينبع الأربعاء الماضي، تحمل هذه الكلمة التي أنقلها هنا بأمانة ((نحن جميع المعلمات نرفعها كلمة واحدة وبصوت واحد إلى جميع المسؤولين في الدولة وخاصة وزير التربية والتعليم هذه الجريمة البشعة التي حدثت لإحدى منسوبات التعليم ليست الأولى ولن تكون الأخيرة إذا ما تُرك الأمر كما هو، وبقي الحال بدون تدخل رسمي، يا معالي الوزير نحن نطالب بضرورة افتتاح حضانات رسمية في كل مدرسة وتعيين عاملات رسميات مسؤولات عنها وذلك من أبسط حقوق المعلمة التي تخرج مهاجرة كل يوم تاركة أطفالها في أيدي عاملات لا تعلم عنهن شيئا، تخرج الأم المسكينة لترعى بنات وطنها وقد تركت أطفالها وقلبها يتقطع كل يوم ولولا كلمة استودعتكم الله الذي لا تضيع ودائعه لجن جنونها، السيد الوزير كل ما نطلبه منكم لفتة إنسانية لهذا الموضوع والنظر فيه بعين البصيرة فليست الدول المجاورة أفضل منا في شيء، ففي أغلب بلدان العالم تخرج الأم برفقة صغارها صباحا وتعود بهم متى ما انتهت من عملها من غير أن تحتاج إلى عاملة ترعاهم بل هم في رعايتها، أَوَلسنا في ميدان التربية والتعليم ننادي بالجودة وتحقيقها، إذاً فلنحقق للمعلمة راحتها النفسية حتى يزيد عطاؤها وجودتها، أتمنى أن تصل كلماتنا هذه إلى المسؤولين وأن يتم النظر فيها واستشعار مسؤوليتنا تجاه جيل أصبح ضحايا للعمالة المنزلية فقد يكون منزلي أو منزلك مسرح الجريمة القادم )). ويبقى السؤال من المتسبب بمقتل طفلة ينبع وإصابة أطفال كثير من العاملات في المملكة من الاعتداء والإساءة من العمالة؟! التقصير وعدم تنفيذ قانون نظام العمل والعمال في المملكة، إذ تلزم المادة 159 من نظام العمل السعودي الذي يفرض ((على كل صاحب عمل يشغل خمسين عاملة فأكثر أن يهيئ مكانا مناسبا يتوافر فيه العدد الكافي من المربيات، لرعاية أطفال العاملات الذين تقل أعمارهم عن ست سنوات، وذلك إذا بلغ عدد الأطفال عشرة فأكثر- ويجوز للوزير أن يلزم صاحب العمل الذي يستخدم مائة عاملة فأكثر في مدينة واحدة أن ينشئ دارا للحضانة بنفسه أو بالمشاركة مع أصحاب عمل آخرين في المدينة نفسها، أو يتعاقد مع دار للحضانة قائمة لرعاية أطفال العاملات الذين تقل أعمارهم عن ست سنوات وذلك أثناء فترات العمل، وفي هذه الحالة يحدد (وزير العمل بنفسه) الشروط والأوضاع التي تنظم هذه الدار، كما يقرر نسبة التكاليف التي تُفرض على العاملات المستفيدات من هذه الخدمة التي من المفترض أن تكون رمزية أو مجانية أسوة بالأجانب الذين توفر لهم قوانين العمل في بلدنا مجانية التعليم وحتى التكفل بدفع الرسوم المدرسية لأبنائهم!! ومع ذلك لم تلتزم وزارة التعليم ولا الشركات الكبرى ولا المؤسسات العامة والخاصة وأغلب القطاعات الحكومية التي تُشغل النساء بهذا البند من نظام العمل، ولم يلزم وزير العمل أو أحد معاونيه وزارة التعليم بذلك بشكل واضح وملموس، بل تُرك الأمر على عاتق الأم الموظفة والمعلمة وسلب منها أمام الجميع هذا الحق الذي أنكرته وتجاهلته أغلب القطاعات أمام مرأى ومسمع من وزارة العمل، وحين تسأل أي مدرسة أو شركة عن سبب عدم تنفيذ هذا القانون، تتم الإجابة كتحصيل حاصل وبشكل آلي بأن الأمر تحت الدراسة والإنشاء وهذه الإجابة تكفي مسؤولي وزارة العمل ليتركوا الأمر مُعلقا لعشرات السنين من أجل التفرغ للفن الإبداعي في تجديد وتحديث شروط حافز، لتجلس الأم العاملة تعاني منذ عشرات السنين وتتكبد مصاريف إضافية من مواصلات واستقدام عاملات وعناء نفسي، ثمن إخفاق وزارات بحجم التعليم والعمل في تنفيذ القوانين التي تضعها بنفسها، ودور الحضانة من أبسط حقوق الإناث في هذه البلاد التي يحفظ عدد كبير من مسؤوليها وصية خاتم الأنبياء (استوصوا بالنساء خيرا) فكيف نُفذت هذه الوصية؟!! حين خرجت أخواتنا وبناتنا المعلمات للعمل، لم يتحملن فقط عقوق بعض أفراد المجتمع الذي ظلمهن، بل تحملن عقوق بعض الوزارات التي أبخستهن أبسط الحقوق مثل المواصلات والسكن ودار الحضانة وبدل الطعام أو بدل منطقة نائية، ونحن وهم بحاجة ماسة إلى هذا العمل الذي يقيهن الفقر ويخدم بالمقابل نشر التعليم والقضاء على الأمية، معلمات وموظفات الوطن جريحات، لأن هذه الجريمة لم تكن الأولى وستتكرر بشكل آخر، وهذا الجرح العميق من التخاذل والتهرب من الواجبات بحقهن لن يجبره سوى القيام بإحقاق الحق بما يرضي الله، وتنفيذ القانون في هذا الوقت سيكون كالدواء الذي تحتاجه معلمات الوطن لكي يدمل بعض الجراح، نتمنى من وزير التعليم ووزير العمل أن يشعروا بحجم الألم الذي تركته تلك الجريمة في نفس كل أم عاملة، وأتمنى أن يتفاعل وزير التعليم ويجتمع مع المسؤولين ويوجه على الفور بإقامة دار للحضانة في كل مؤسسة تعليمية دون أن يستغرق الأمر أكثر من شهرين ويعاقب الإدارات المعنية في المناطق التي لم تنفذ هذا البند من القانون، وندعو الله سبحانه وتعالى لأختنا المعلمة المكلومة أن يجبر مصيبتها ويلهمها وأهلها وذويها الصبر والسلوان، «الضحية» لم تعد فقط طفلة معلمة ينبع، بل ابنة لكل أم عاملة تخرج في صباح كل يوم تخدم على أرض هذا الوطن، هذه الجريمة البشعة لم تهز قلوبنا فقط بل تركتنا مجروحين خائفين على مصير أطفالنا. اللهم اجعل ابنتي (تالا) عصفورة من عصافير الجنة، واجبر مصاب أهلها واربط على قلوبهم.