تحولت قضية اغتصابٍ رفعتها فتاة تونسية ضد ثلاثة من أعوان الشرطة في تونس إلى قضية رأي عام لا تزال تثير جدلا كبيرا، سرعان ما انتقل من المحكمة إلى مواقع التواصل الاجتماعي إلى المجلس التأسيسي نفسه. وتعود أطوار القضية إلى شكوى تقدمت بها الفتاة إلى مركز الأمن الوطني في ضاحية «حدائق قرطاج»، حيث أفادت أنها تعرضت للاغتصاب من قبل ثلاثة رجال أمن، أوقفوها عندما كانت مع خطيبها على متن سيارته ثم اقتادوها إلى سيارة الشرطة، وقام اثنان منهم بالاعتداء عليها، في حين اصطحب الثالث مرافقها إلى مكان بعيد عن مسرح الواقعة، وتعمد ابتزازه. فتم على إثر ذلك القبض عليهم وإحالتهم إلى المحكمة، لكن السلطات وجهت للفتاة في الوقت نفسه تهمة «التعدي على الأخلاق والمجاهرة بذلك». وهو ما فجر عاصفة من الرفض والاحتجاج من قبل عديدٍ من المنظمات الحقوقية، خاصة النسائية، التي اعتبرت أن «الفتاة ضحية، ولا يجب أن تتحول إلى جانية أو متهمة». واتخذت المسألة أبعادا أخرى عندما انتقل الجدل إلى وسائل الإعلام التونسية ومواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت، إذ عبر عددٌ من الناشطين عن غضبهم من وزارة الداخلية والقضاء التونسي الذي وصفوه بالفاسد. ووصلت أصداء القضية إلى داخل المجلس الوطني التأسيسي، حيث وجّه عديدٌ من النواب والحقوقيين انتقادات حادة إلى وزيري الداخلية والعدل، متهمينهما بمحاولة التستر على جريمة اغتصاب والانتقاص من حقوق المرأة. وقالت الناشطة الحقوقية سهام بن سدرين، رئيسة المجلس الوطني للحريات: إن قاضيا هدد الفتاة قبل 15 يوميا خلال جلسة الاستماع الأولى لها بمقاضاتها إن تحدثت عن تعرضها لعملية اغتصاب من قبل رجال الشرطة. واتهمت بن سدرين، وزارة العدل التي يتولاها نور الدين البحيري، القيادي في حركة النهضة الإسلامية الحاكمة، ب»توظيف» القضاء لأغراض «سياسية» والسعي إلى التستر على «جرائم». كما نددت عدة أحزاب وجمعيات بما سمّته «تحويل وجهة القضية» من خلال «تحويل الضحية إلى جانية»، ونبهت إلى «خطورة المس بصورة المرأة التونسية وحقوقها الأساسية وكرامتها وحرمتها الجسدية»، حسب ما جاء في بيانٍ لحزب «نداء تونس» المعارض. من جهتها، دعت وزارة الداخلية التونسية الخميس إلى «تجنب أي توظيف سياسي أو إعلامي» لقضية الفتاة التونسية. وقالت الوزارة في بيان نشرته على صفحتها الرسمية على الفيسبوك: إنها «تعاملت مع هذا الملف (القضية) وحققت فيه بكل موضوعية، وطبقت ما يقتضيه القانون في مثل هذه القضايا، ولم تسعَ إلى تخفيف أو إثقال كاهل أي طرف». ودعت النائبة الأولى لرئيس المجلس الوطني التأسيسي محرزية العبيدي، في بيان يحمل توقيعها، مختلف الحساسيات السياسية والإعلامية إلى التعامل مع موضوع الشابة التي تم اغتصابها من قبل رجال الشرطة، بصورة محايدة، وعدم المس باستقلالية القضاء، أو التأثير على مجريات التحقيق، على حد قولها.