ولادته كانت بمثابة قدوم المنقذ للبشرية والمخلص لهم والمخرج لهم من الظلمات المعتمة إلى النور البين. طفولته البريئة كانت محاطة بعناية إلهية عظيمة ، فعندما لم يجد لترضعه سخر له الله مرضعته «حليمة» التي نالت شرفا تغبطها عليه كل المرضعات. عندما صار غلاما لم يشأ الخالق أن يجعله كباقي الغلمان فأرسل جبريل لينزع من قلبه حظ الشيطان حتى يصبح قلبه صافيا عن كل ما يعكره حتى يحمل هم الرسالة الربانية ويبلغها لكل الناس … في غاره العظيم نزلت عليه «اقرأ» ولكنه كان أميا فلم يستطع أن يقرأ حتى علمه جبريل عليه السلام أن يقرأ ، فلاذ مسرعا إلى خديجة رضي الله عنها لتدثره … ولكن «ورقة» أبلغه بنبأ ذلك وتمنى لو كان حيا ذلك اليوم حتى يناصره … تحمل أذى أقاربه كثيرا ولكن ذلك لم يمنعه أن يجهر بدعوته جهرا مستجيبا لأمر مولاه تعالى بقوله «فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين» وجهر بدعوته في كل أرجاء مكة … ازداد عليه الأذى فترك حبيبته «مكة» ومشى مع «صاحبه» رضي الله عنه نحو «يثرب» ليبدأ عهدا جديدا لرسالته الوضاءة . بدأ غزواته «ببدر» وتتالت غزواته حتى أشرقت رسالته على كل الجزيرة العربية وما جاورها ليقول للناس إن الشرك ظلمات وإن الإسلام نور فادخلوا في دين الله أفواجا . فعل كل ذلك وتحمل كل ذلك من أجلنا جميعا من أجل أن ندخل الجنة بسلام وأن نبتعد عن النار ، تركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها ، قدم لنا أفضل الشرائع السماوية وأمرنا بطاعته ونهانا عن معصيته. إنه «أغلى وأعز وأشرف وأفضل إنسان» في تاريخ البشر رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم لو كان بيننا ما رضي أن نكون بهذا التخاذل عن نصرته ونصرة رسالته الخالدة فسلام عليك منا يا رسول الله ، وتبا لأولئك القوم الذين لا يزيدون بسخريتهم منك إلا انحطاطا وبعدا فلا عجب إنهم (أراذل الناس) .