أثارت عودة وزارة الداخلية المصرية لاستخدام القوة في التعامل مع التظاهرات والاعتصامات المختلفة، غضْبة المنظمات الحقوقية وكثير من الحقوقيين والسياسيين في مصر، وهو ما علق عليه الناشط الحقوقي جمال عيد بقوله «الداخلية لم تتغير لأنه لا يوجد إرادة سياسية لتغييرها». وشكَّل التعامل السيئ للأمن المصري مع المواطنين، ترسيبات سلبية في نفوسهم، انفجرت في جمعة الغضب إبان ثورة يناير2011، التي شهدت حرق نحو 99 قسما للشرطة في أنحاء الجمهورية. وكانت قوات الأمن المصرية، قامت ظهر الإثنين الماضي، بفضّ اعتصام طلاب جامعة النيل بالقوة، ويعتصم طلاب الجامعة اعتراضا على تخصيص مبانيهم ومعاملهم لمشروع زويل العلمي الذي يشرف عليه العالم المصري أحمد زويل. واعتدى جنود الأمن المركزي على عددٍ من الطلاب، حيث تم سَحْلُهم على الأرض لإجبارهم على ترك مقر الاعتصام. وألقت الشرطة القبض على ستة طلاب ومهندسٍ في الجامعة، أثناء فض الاعتصام، لكن الأخطر كان منع قوات الأمن الصحفيين من تصوير وقائع فض الاعتصام. وفي نفس اليوم، حاصرت قوات الأمن «كراجات» النقل العام المضربة عن العمل في القاهرة، كما استدعت النيابة ستة من عمال النقل العام بتهمة التحريض على الإضراب. ويأتي ذلك بعد نحو ثلاثة أيام من إصابة نحو 224 متظاهرا في اشتباكات السفارة الأمريكية على خلفية الفيلم المسيء للإسلام، بالإضافة لاعتقال نحو 200 آخرين في نفس الأحداث. لكن الناشطة الحقوقية نشوى رجب قالت، إن عدد المعتقلين في أحداث السفارة الأمريكية تخطّى 700 معتقل، من بينهم الباعة الجائلون في ميدان التحرير الذين تم القبض عليهم صباح السبت الماضي أثناء إخلاء الميدان. وتعاملت الشرطة المصرية بعنف شديد مع معظم التظاهرات التي اندلعت في المرحلة الانتقالية التي انتهت بتولي الرئيس المصري محمد مرسي الحكم، وتوقع كثيرون أن يتغير التعامل الأمني بوجود الرئيس مرسي، لكن نشطاء حقوقيين قالوا إن قمع الاحتجاجات بالطرق الأمنية يعد مؤشرا على عودة النظام السابق الذي كان يمارس طرقا استبدادية لقمع الاحتجاجات. واختار رئيس الحكومة هشام قنديل، اللواء أحمد جمال الدين وزيرا للداخلية في حكومته، رغم أن جمال الدين شَهِدَ في غير صالح الثوار خلال محاكمة وزير الداخلية السابق حبيب العادلي ومساعديه في قضية قتل المتظاهرين. ويصف مدير الشبكة العربية لحقوق الإنسان، الحقوقي جمال عيد، اختيار الوزير الحالي ب»الخطأ الكبير»، ويكمل «جمال الدين كان أحد الشهود ضد الثوار في قضية قتل المتظاهرين، كما أنه دائما ما يتكلم عن اليد الحديدية للداخلية وأبدا لم يتكلم عن سيادة القانون أو احترامه». وخلال 20 شهرا من الثورة، قُدِّمَت أطروحات ومبادرات مختلفة لتطهير وتطوير وزارة الداخلية دون تفعيلها على أرض الواقع، وتفاءل المواطنون بوصول مرسي للحكم، آملين قيامَه بتطهير الداخلية، لكن شيئا لم يتغير في «لاظوغلي» مقر الوزارة، وهو ما علق عليه عيد قائلا «الداخلية لم تتغير لأنه ليس هناك إرادة سياسية لتغييرها.. كل مبادرات الإصلاح على الأرفف، وهناك كارت أخضر لوزير الداخلية لإيقاف أي تحرك تراه الدولة ضد الاستقرار أو هيبتها»، مشددا على أن الحفاظ على الاستقرار لا يبرر العنف والقمع. بدورها، دعت حركة 6 إبريل، أحد الفاعلين الرئيسين في الثورة، وزير الداخلية إلى أن يتّعظ ممن سبقوه، وقالت، في بيانٍ شديد اللهجة، «هذه الأساليب لن نسمح بها في مصر الثورة التي قامت وأطاحت بمبارك والعادلي وستطيح بمن على شاكلتهم».