كثير من العزّاب لا يملكون تقدير الأمور على حقيقتها لغرارة أعمارهم؛ لذا يبدي الأكثرية منهم انزعاجه من اللافتة المشهورة “للعائلات فقط”، ولو أنهم علموا بتعقيدات العالم العائلي، لفرّوا من تلك الأماكن وولّوا مدبرين! فالتجمعات العائلية يراها المتزوجون واجباً ثقيلاً يقضم جزءاً عزيزاً من جيوبهم، ويسطو على أوقات هم بأمس الحاجة إليها للانكفاء على النفس أو التوجه لأصدقاء الاستراحة حيث يهذرون بحرية، بعيداً عن أسماع أم العيال وأبنائها، فيما يظنها العزّاب -خصوصاً الرومانسيين منهم- أمراً حميداً، وصورة أنموذجية لتحقق السعادة الزوجية على أرض الواقع، وهذه النظرة -بالنسبة للعزّاب- تعود ربما لخيالهم الخصب وعدم درايتهم بالخفايا، فيما الواقع يشطح بالمتزوجين لآراء تختلف عن النظرة الرومانسية برمتها، واصفين الوضع بأنه معقد وشائك، والمعلوم أنه لا نفع من إجابة المتزوجين أصلاً ولا يعتدّ بها، فليس من الحكمة أخذ نصيحة ممن وقعت الفأس في رأسه وانتهى به الأمر إلى الرضا والتسليم بالواقع المرير! وللتدليل على ذلك دأب أحد الزملاء على اصطحاب زوجته إلى أحد المطاعم المشهورة في منطقته؛ كون المطعم يوفر مساحة مكيفة ومخصصة للعوائل، وكانت سمعة المطعم قد تأثرت بسبب أخبار وردت عن حدوث حالات تسمم يكتنفها الغموض المتغامض، فنبهه أحد الزملاء ونصحه بعدم ارتياد المطعم بصحبة عائلته، تلافياً لحدوث حالة تسمم -لا سمح الله- ولكنه أجاب ببرودة أعصاب ورحابة صدر عاليتين “لا تصدقهم! أذهبُ دوماً إلى المطعم بصحبة زوجتي دون أن تصيبها حالة تسمم واحدة، لا تصدق!”.