يُقبل البعض على هذه الدنيا بكل ما أوتي من قوة، ويجعل منه ذلك الوحش الضروس الذي لا يرى إلا فريسته وضحيته، يظلم هذا ويأخذ مال هذا، ويظلل الحقائق ويخفيها حتى يظفر بقليل من المال. لم يدرك أن الله يرى وحرم الظلم على نفسه وجعله محرماً بين عباده. المال مهما كثُر فهو وسيلة وليس غاية، البعض يتعلل ببناء مُستقبل أولاده حتى لو كان هذا المال بغير طريقة مشروعة، لكن الملاحظ أن كثيراً ممن حصل على مال بالكذب والتدليس والتغرير والخيانة كان مصيره الزوال ويبقى عبئاً على صاحبه ووزراً إلى يوم القيامة، الخيانة لمن ائتمنك هي الأكثر وزراً وحسرة وندامة في الدنيا والآخرة، فالذي ائتمنك وكَّل فيك الذي لا يسهو ولاينام، يندرج تحت سقف الأمانة كُل آمر مُستأمن عليه سواء في عمل الدولة أو الحقوق الخاصة حتى أهلك ومالك وعملك. نتكالب على متاع هذه الدنيا والآخرة خير وأبقى، فهل راجعنا أنفسنا وأعدنا المظالم والأموال إلى أهلها ونمد يد التسامح معهم؟ حتى من حصل على مال من بيت مال المسلمين بغير حق مشروع فهو يُعتبر خائناً لأمانته وعلى ما ائتُمن عليه. ما أجمل وما ألذ المال الحلال، والقناعة كنز لايفنى.