ترك صاحبنا عكنكر عمله في ديوان البريد فسألته عن السبب، فقال: أنا اليوم محرم لزوجتي التي ستدرس الطبابة في بلاد الغال. فسألته: وما دورك أنت؟ قال: أرافقها في دربها وأحميها من أبناء الفرنجة، قلت: وما تفعل بعد ذلك؟، قال: أركن إلى البيت، وأترك لها تدبير المعيشة فلا أمل لي بدرب رزق إلا عن طريقها. وأمضى صنفرة الخليع سنينا في بلاد ما وراء البحر مع زوجته ثم عاد متأبطاً شقراء طويلة تلبس البنطال فسألناه: أين زوجتك؟ قال ضاحكا: الحمد لله الذي أبدلنيها بهذه الفارهة فلقد كانت سمينة قصيرة ترتدي عوينات وكنت أظنها جميلة فلما عرفت النساء طلقتها هناك، والله إن المحرم لنعم الفرصة وخير العمل. وذهب شيخنا أبو قذيلة البرقوعي إلى القاضي يطلب إثبات جنونه، فقال له القاضي: إنما أنت من الحكماء، فقال: إنني امرؤ لي ثلاث أخوات يردن طلب العلم في بلاد السند والهند وألزموني أن أكون محرما فكيف أفعل وكل واحدة في أرض؟ وفي إحدى مفاكساتي مع العلامة سخطاط الاكليشهاني كتب يقول: كتبت الذلة على الرجال فلم يعد لهم دور إلا أن يكونوا محارم لنسائهم، وأصبحوا ربات بيوت لا سادة مجالس. وكان هبنقة الأحمق، بعد عودته، كلما سأله أحد عن كنيته قال: أنا محرم وضحى. وكتب هذيل ابن أخت أنس مصنفاً ذكر فيه أن من علامات المحرم أنه يحب القعود في البيت، ويعتمد على امرأته في معيشته، ويغلب عليه الخضوع، ويحسن الطبخ، ويهاب النساء، تتبعه زوجته أو أخته عند السفر ويعود وهو تابع لها. وحدثنا حنظلة المكيري، وهو صدوق، أنهم طردوا رجلاً من حيهم خشية الاختلاط فلا يليق أن يكون بين ظهرانيهم وهو ليس محرماً لأحد. ثم اتكأ شيخي على عصاه قائماً، وقال: يا بني شحت الطرقات من الرجال، وانتشرت فيها النساء، أحمد الله أن أم ميسون أمية وإلا لوجدت درسي في الضحى بدلاً من موعده بعد صلاة العشاء!.