ألقى الجيش اللبناني القبض على خلية متطرفة في عدادها عسكريَين كانا يخططان لتنفيذ تفجيرات داخل الثكنات العسكرية، وأنجز الجيش عملية الدهم لموقع وجود الخلية في يوم واحد. والتزم الضباط السرية التامة في تنفيذ العملية، علماً بأنها تمّت بداية شهر مارس الجاري، لكن لم يُكشَف عنها سوى قبل يومين. واستبق الجيش لإعلان عن كشف الشبكة، بإصدار نشرة توجيهية تتضمّن تلميحاً غامضاً لما حدث، قوامها تحذيرات لأكثر من جهة، حيث توجّه إلى العسكريين لتحذيرهم من الوقوع في فخّ تأثير الفكر المتطرّف، والتأكيد على أن «مَن يقع في هذا الفخّ يقع وحده، ولا يسقط الجيش»، بحسب النشرة. وأشارت النشرة التوجيهية إلى أن «قيادة الجيش لن تتهاون حيال أي محاولة لاختراقها، وهي رسالة للجهة التي تنظر إلى الجيش كهدف محتمل أو سهل لاختراقه بغية إرباكه والتأثير في تماسكه وانضباطه ووحدته، وإدخال التطرّف إلى صفوفه وتغلغل المذهبية فيه للتأثير في معنويات العسكريين». ولم يمر يومان على النشرة حتى جاء الإعلان عن توقيف أفراد الشبكة، حيث سرّبت قيادة الجيش معلومات مفصّلة عن عملية التوقيف والاعترافات التي أدلى بها الموقوفون الذين خضعوا لتحقيقات دقيقة أسفرت عن اعترافهم بالتخطيط لاستهداف المؤسسة العسكرية بناء على خلفيات دينية، فالجيش في نظرهم مؤسسة كافرة. وبهذه الواقعة تشتعل من جديد الحرب بين الجيش اللبناني والسلفية الجهادية، التي تعود جذورها إلى أحداث الضنية وما تلاها في معارك نهر البارد، لا سيما أنها لم تكن تصل لهذا المستوى من الحدة منذ اغتيال المرشح الأبرز لقيادة الجيش اللواء فرنسوا الحاج، وهي نقطة تُسجّل لأفراد الشبكة إذ إنها المرة الأولى التي يُخترق فيها الجيش بهذا الشكل، فاثنان من حاملي الفكر المتطرف تمكنا من الانضواء ضمن صفوف الجيش أحدهما برتبة تلميذ ضابط والآخر عسكري في مغاوير القوات المسلحة. وأدلى الموقوفون، الذين ضُبِط أربعة منهم في عكار وطرابلس، باعترافات مهمة، فأفادوا بأن الرأس المدبّر الذي يديرهم مقيم في مخيم عين الحلوة ويُعرف باسم توفيق طه الملقب ب «أبو محمد». وتوفيق طه، الذي يؤكد أمنيون متابعون لملف الأصوليين أنه رجل «القاعدة» الأول في مخيم عين الحلوة، هو الذي طور أسلوب عمله خلال السنوات الماضية، فبات ينشئ خلايا «عنقودية»، كما حدّث أسلوبَ تواصله مع المجموعات التابعة له خارج المخيم، فصار أكثر اعتماداً على شبكة الإنترنت بدلاً عن الهواتف الخلوية، حسبما يشير أمنيون معنيون بمتابعته، ورغم ما يقال عنه خارج المخيم، فإن مسؤولين في فصائل عديدة يؤكدون أن في عين الحلوة من يؤكد أن طه يتنقل دائماً بين أحياء المخيم، من دون أي إجراءات أمنية تذكر. وبيّنت التحقيقات أن الموقوفين مرتبطون بكتائب عبد الله عزّام الموالية لتنظيم «القاعدة»، كما اعترف أحد العسكريين أنه كان يترقب ثغرة في الإجراءات الأمنية في ثكنته من أجل تهريب متفجرات إلى داخلها وتفجيرها. الإعلان عن العملية لم يكن الحدث الوحيد الذي أحدث جلبة على مستوى الرأي العام خلال اليومين الماضيين، فقد ترافق مع قيام استخبارات الجيش اللبناني في الجنوب بتوقيف سيارة «بيك آب» محمّلة بالأسلحة أمس، عند مدخل مخيم عين الحلوة. ورغم المعلومات الأمنية التي حصلت عليها «الشرق» من مصادر أمنية بأن الأسلحة المضبوطة كانت تنقل بهدف الاقتناء الشخصي، إلاَّ أن حادثة أخرى في صيدا أيضاً ساهمت في توتير الأجواء، حيث تمكنت استخبارات الجيش من توقيف سيارة من نوع «مرسيدس» تحمل لوحة عمومية، بعدما توافرت معلومات عن رشاش «دوشكا» موضوع داخل الصندوق الخلفي، كان يُنقَل من مخيم عين الحلوة إلى خارجه، وأُوقِف شخصين هما «م.م.ع» و»ع.ز» ونُقِلا إلى إحدى الثكنات العسكرية للتحقيق معهما لمعرفة الجهة التي كان سيُنقَل الرشاش إليها، وأشارت المعلومات نفسها إلى أنه كان هناك نية لنقله إلى خارج لبنان، وبالتحديد نحو سوريا.