نزار جاف سعى النظام الإيراني وأطراف وقوى سياسية وفكرية تدور في فلكه «السرطاني»، إلى تصوير منظمة مجاهدي خلق على أنها منظمة فوضوية إرهابية ليست لديها أية مبادئ أو قيم وتعادي كل ما هو إنساني وحضاري. النظام الإيراني الذي كدس أطنانا من الكتب وملايين من المقالات وآلاف الأفلام المختلفة، التي تطعن في حاضر وماضي وتأريخ المنظمة وتسعى لتقديمها كما يريد هو كنظام وليس مثلما هي المنظمة في حقيقة وواقع أمرها، وقد نجح النظام في الوصول إلى بعض من أهدافه وغاياته، ومن فرط غروره وصفاقته تصور بأنه قد نال مراده، لكنه وفي نشوة وذروة ثمالته وطيشه وهويفرح بنصر وهمي، ارتطم بالجدار الفولاذي لمنظمة مجاهدي خلق مرة أخرى، ذلك الجدار الذي كان السر الأساسي الكامن خلف سقوط عرش الطاووس في إيران العام 1979. في العام 1997، وعندما داست الولاياتالمتحدة الأميركية بأقدام سياستها البراجماتية على الحقيقة والواقع وأدرجت كذبا وزورا منظمة مجاهدي خلق ضمن قائمة المنظمات الإرهابية»طمعا في وصال ملالي قم وطهران»، ظنت بأنها قد أطلقت رصاصة الرحمة على رأس المنظمة وأنها قد صارت نسيا منسيا، ويجب أن نقول بأنه ليس ملالي إيران وحدهم وإنما كان هناك قطاع عريض حتى في الشارع العربي، كان يفكر بهذه الطريقة ويتصور أن النظام الإيراني قد صار أمرا واقعا، ونفس الأمر كان ينطبق تماما وبشكل تفصيلي أدق على الشارع الإيراني تماما خصوصا وأن النظام قد سعى لإيصال رسالة للشعب الإيراني مفادها أن الولاياتالمتحدة والعالم كله قد قبل بهم»أي الملالي»كأمر واقع في إيران، وهو ما ساهم في إطلاق يد نظام الدجل وتصدير الإرهاب والفوضى للمنطقة والعالم على ترسيخ أقدامهم وبسط نفوذهم في المنطقة أكثر فأكثر، حتى وصل بهم الأمر أن ينازعوا واشنطن النفوذ على العراق، وبعد سقوط بغداد وعشعشة نفوذ نظام الملالي بفضل وبركة «البسطال الأميركي»، بدأ نظام الملالي يعد العدة للبدء بعمليات التصفية الجسدية لسكان معسكر أشرف وقطعا لم يقصر بهذا الخصوص ولاسيما بعد أن ارتكب مذبحة 8 أبريل 2011، لكنه وخلال مواجهته الشرسة مع سكان أشرف أعاده صمود وبسالة وجرأة سكان أشرف في تصديهم لحملته الشعواء المجنونة لإبادتهم إلى رشده، خصوصا عندما بدأ يرى بأم عينيه كيف أن العالم قد بدأ يفيق من غفوته ويعيد حساباته وقراءته للملف الإيراني من جديد، خصوصا عندما شهد العقد الأول من الألفية الثالثة النجاح الباهر لمنظمة مجاهدي خلق في الخروج من قائمة الإرهاب في بريطانيا والاتحاد الأوروبي وإحراجهم الإدارة الأميركية بسبب إصرارها غير المفهوم على إبقائها ضمن القائمة المزعومة، الذي أحرج وهز الأرض من تحت أقدام نظام الملالي أكثر، هو أن تأثير صمود سكان أشرف ومقاومتهم الباسلة بوجه الملالي قد انعكس بصورة إيجابية على الشارع الإيراني ولاسيما خلال الانتفاضة الإيرانية في 2009 و2011، والأنكى من ذلك أن العالم كله بات يتابع المؤتمرات الدولية الكبيرة التي تعقدها المقاومة الإيرانية في باريس وجنيف وبروكسل وبرلين، وأن النجاح الكبير والأسطوري الذي حققته المقاومة الإيرانية في مؤتمر التضامن السنوي مع الشعب الإيراني وسكان أشرف لهذا العام حيث حضره أكثر من مائة ألف مواطن إيراني ناهيك عن ألفين من الشخصيات السياسية والتشريعية والثقافية والاجتماعية والإعلامية من مختلف بلدان العالم تضامنا مع الشعب الإيراني وقضية سكان أشرف. تأكيد النظام الإيراني وإصراره على القضاء على معسكر أشرف، وكذلك الصمود والمقاومة الأسطورية التي بذلها السكان بوجه الهجمات البربرية الشيطانية للنظام، جعلت من قضية معسكر أشرف مقياسا ومؤشرا مهما لقضية الشعب الإيراني نفسه، ومخطئ من يظن أن النظام الإيراني قد ابتعد ولو للحظة واحدة فقط عن سكان أشرف أو ليبرتي، وإنما ظل يحوم حولهم تماما مثل القاتل الذي يحوم حول جريمته، وقد جاءت اعترافات الطاهر بومدرا، المسؤول الكبير السابق في الأممالمتحدة بالعراق بشأن قضية معسكر أشرف التي نشرت في مقالة خاصة بموقع واشنطن تايمز في 21 أغسطس 2012، لتسلط الأضواء من جديد على هذه القضية وتميط اللثام عن حرب خفية غريبة من نوعها تشن بطرق وأساليب متنوعة ضد سكان أشرف وليبرتي، وعند التدقيق في السيناريو اللافت للنظر لهذه الحرب الخفية نجد أن المسؤول الأممي ذا المنصب الأرفع الذي من المفترض أن يمثل قمة النزاهة أوعلى الأقل حيادية مهنية، ينضو عن نفسه رداء المهنية وينتهك واجبه الأممي والأخلاقي قبل ذلك ليدفع بموظفين كبار في الممثلية العامة للأمم المتحدة بالعراق«اليونامي»، كي يكونوا شهود زور ومشاركين ميدانيين في واحدة من أكبر جرائم الكذب والتحريف والتزوير ضد أفراد هم لاجئون سياسيون يعتقدون أنهم تحت حماية مظلة الأممالمتحدة، الطاهر بومدرا الذي استقال من منصبه احتجاجا على أن أكبر مسؤول للأمم المتحدة في العراق«السيد مارتن كوبلر، ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في «العراق»، قد أمر موظفيه بأن يقدموا إلى المنظمة الدولية تقارير تغطي على ظروف المعسكر الانتقالي للمعارضين الإيرانيين الشبيه بالسجن، بومدرا قال في أول مقابلة له منذ أن ترك منصبه لواشنطن تايمز: أن مارتن كوبلر الممثل الخاص للأمم المتحدة في العراق يريد نقل المعارضين بسرعة إلى معسكر ليبرتي، مستدركا بالقول: السيد كوبلر ضلل مقر الأممالمتحدة في نيويورك، وواشنطن والمعارضين، حول ظروف معسكر ليبرتي باستعجاله نقل هؤلاء من مخيم أشرف حيث عاشوا منذ العام 1986»، ويمضي بومدرا في كلامه فيقول إنه تلقى«صدمة حياته»، عندما زار معسكر ليبرتي لأول مرة في شهر ديسمبر 2011، موضحا بقوله:« لقد زرت كثيرا من السجون ولكن ذلك المكان كان أسوأ من السجن.»، الطاهر بومدرا الذي هو أساسا ناشط جزائري عمل لأعوام كثيرة من أجل تعزيز حقوق الإنسان وإصلاح نظام العقوبات في شمال إفريقيا والشرق الأوسط، يشير إلى أن العراقيين قد قاموا بتخريب المعسكر بعد مغادرة القوات الأميركية، مؤكدا أن المرافق كانت متهالكة وغير صالحة للخدمة وأن «الكرفانات» التي كانت تستخدم كأماكن لإقامة الجنود تغرق في أكوام من النفايات والأبواب والشبابيك محطمة، في حين أننا لو عدنا بالذاكرة إلى الخلف لوجدنا أن السيد مارتن كوبلر كان قد أعلن في نفس ذلك الوقت تقريبا عن جاهزية معسكر ليبرتي لاستقبال سكان أشرف! الطاهر بومدرا الذي غادر العراق في شهر مايو المنصرم بعد أن قدم استقالته احتجاجا على الذي جرى كذبا وتزويرا بحق سكان أشرف وليبرتي، يشرح الجانب الأكثر تلفيقا وتدليسا وضلالا ضد قضية أشرف ويطعن خلالها بنزاهة وحيادية كوبلر بالقول: «لقد طلب منا السيد كوبلر العودة لالتقاط صور للمعسكر والمرافق الموجودة فيه والتأكد من الصور الأكثر جاذبية كي يضعها في ملفه ويقدمها إلى السكان(سكان أشرف) وأعضاء السلك الديبلوماسي من أجل الزعم بأن: هنا مخيم بمعايير جيدة جدا ويلبي جميع طموحات ومتطلبات اللاجئين.»!!