لن يسع أي شخص تخيّل مدى الحسرة التي قد تطال قلب واحد فقط، فكيف بآلاف القلوب؟ نعم آلاف القلوب!، لن يتخيل بشر مدى المُعاناة التي تستطيل حتّى أعمق نقطة أمل في قلوبنا وتقتلها، مدى المُعاناة بعد كُل مرّة يهمس لنا الأمل: أنا هنا فيزيح بعضاً من يباب اليأس الذي حلّ في أرواحنا، مدى الحُزن الذي يسكننا لليالي بِرفقة حُلم، فقط حُلم، ومدى التعب الذي يسكن مآقي سهرت الليالي وهي تُردد: مَن طلب العُلا سهر الليالي، مآقي جعلت من الليل نهاراً ومن الأخير ليلاً!. أنا لا أتحدث بِلساني فقط بل بِلسان الكثيرات أمثالي: خريجة!. نعم خريجة، لكن! بِشهادة بيضاء دون أعلاها اسمي وآخرها (عاطلة)!. حين تخرجت، حملت معي حُلم أن أكون (أبلة) أي مُدرسة، ليس في وطني بل في وطن آخر، حملت شهادتي ونظرت إليها والأمل يرفرف، اتصلت بمسؤول يقل بنات بلدي لبلد آخر، كانت إجابته: لا يوجد لديكِ خبرة!. أي خبرة؟ وأين يمكنني الحصول عليها؟، فحتّى المدارس الأهلية التي تُدير بعضها الباكستانيات في أرضي تقول لي بلهجة ( لك عليها ): «ما في وديفة هنا لازم كبرة كبرة..». نعم أنا بحاجة «كبرة»، لكن «كبرة» كبيرة!. حينها ترقرقت عيناي بالدموع وتخيّلت لا شعوريًا رأساً كبيراً ينطق فمه: وظفيها، لكن أين هذا الرأس؟.