نجمة تتلألأ في السماء فارقتنا دون سابق إنذار.. بسمة جميلة تغيب جسدًا لكنها حاضرة بروحها وسيرتها العطرة.. أمور تحدث لا حول لنا ولا قوة بها.. نصمت ونبكي، نذهل ونترحم ونستكين، ونرفع العيون للسماء والدموع تملأ المآقي، والألسن تتحرك مؤمنة بقضاء الله وقدره تتضرع للعلي القدير أن يسكن الفقيد الكبير فسيح جناته. غادرتنا روح (سلطان الخير) الذي عاش فعاشت الأرملة بنعمة، مر في الطرقات فزغردت الألسن.. يطالع جريدة فينقذ طفلة من الألم.. يسمع عن مريض فيتعالج في أكبر المستشفيات.. ينظر للألم فيذهب عن قلب العجوز الفقير.. نظرته الحنونة كانت غنى، يده الكريمة كانت نجاة، ومروره يبعث الأمل، بكته الأرامل. ورددن: (من لنا من بعدك يا سلطان الخير..؟!)، حزنت عليه الطفلة المريضة، وغصت قلوب المحتاجين.. وانسكبت دموع المساكين. سلطان الخير.. بكته الأقلام التي عرفته.. والأكف التي لامست يديه.. والقلوب التي أحبته.. والعيون التي رأته.. كان (سلطان الخير) قمة في التواضع، وكان نبراس الوفاء، وكانت فرحته أن يرسم الابتسامة على وجوه الآخرين، وكانت سعادته في سد عوز المحتاج.. وشفاؤه كان شفاء المرضى الذي يعالجهم وما أكثرهم، كانت يده اليسرى لا تعلم بما تنفق يده اليمنى، كان جبلًا شامخًا في حياته.. وظل جبلًا سامقًا حتى بعد مماته.. عطاؤه لم يتوقف حتى توقف قلبه الكبير، فوجفت قلوب الملايين يوم وفاته، وتحركت الألسن بالدعاء.. والأيدي بالتضرع.. والقلوب بالأحزان.. والعيون ترقرقت بالدموع، وكانت صورته تتداخل بين الدمعة والعين لترسم ابتسامته الدائمة دومًا وأبدًا، تنير طريق جميع الأجيال. سلطان الخير: أيها الغائب الحاضر.. يا نخلة الأرض الطيبة، يا عنوانًا ونبراسًا للوفاء والعطاء، تنقطع النداءات في المدى والآهات والأحزان.. ولكن الأيدي ترتفع في نداء صامت يرحمكم الله بقدر هذا الكون، بعدد خطواتك في طريقك الجميل، أن يهبك الله الرضا بقدر رضا الناس عنك.. أن يجمعنا بك في جنات الفردوس، كما جمعت قلوبنا على الحب وصدق الشعور والإحساس بالآخرين.. أن يهبنا الله الصبر.. أن يلهمنا حسن الدعاء لك.. رحلت كبيرًا كما كنت فينا كبيرًا.. وكما كنا بك كبارًا.. نسأل الله أن يتغمد سيدي صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز بالرحمة والمغفرة، وأن يسكنه فسيح جناته، وأن يلهم جميع الشعب السعودي الصبر والسلوان، والحمد لله على قضائه وقدره.. (إنا لله وإنا إليه راجعون). فهد شباب الحربي - المدينة المنورة