لم يتجاوز عدد الناخبين الأردنيين الذين سجلوا بياناتهم للتصويت في الانتخابات النيابية المقبلة أكثر من 400 ألف ناخب، بنسبة تبلغ نحو 10 % من العدد الكلي لمن يحق لهم التصويت، وذلك بعد مرور ما يقارب عشرين يوماً على بدء عملية التسجيل. وفي عمان وإربد – كبرى المدن الأردنية – لم يزد عدد المسجلين عن 120 ألفاً، وهو ما يلقي بظلال من الشك على إجراء الانتخابات قبل نهاية هذا العام، كما أعلن الملك عبدالله الثاني عدة مرات. يأتي ذلك ضمن معركة محمومة بين الحكومة والمعارضة، حيث تسعى المعارضة، وخصوصاً الحركة الإسلامية، إلى إفشال الانتخابات بالمقاطعة، وخفض نسب التصويت، وذلك بسبب اعتراضها على قانون الانتخابات، حيث ترى أنه مفصَّل لإنتاج نواب ذوي طبيعة مناطقية وعشائرية وليست سياسية بغرض إقصاء الحركة الإسلامية، فيما تسعى الحكومة إلى زيادة نسبة المشاركة لتأكيد نجاحها، فيما يشبه التسابق على التأييد الشعبي. وفي السياق ذاته، كشفت منظمات مستقلة لمراقبة الانتخابات ل «الشرق» عن تقارير لم تعلن بعد، تُظهر إجبار الحكومة للعسكريين الأردنيين على توقيع تعهدات لتسجيل ذويهم، فيما تُظهر حالات أخرى تسجيل العسكريين لأنفسهم، في مخالفة لأحكام قانون الانتخاب الذي يمنع مشاركة العسكريين والعاملين في الأجهزة الأمنية والقوات المسلحة في الانتخابات. وتشير تلك التقارير إلى أن عزوف المواطنين عن التسجيل للانتخابات لم يأتي استجابةً لدعوات المعارضة للمقاطعة، وإنما بسبب الإحباط من عمليات الانتخاب التي تتعرض للانتقادات منذ العام 1993، حيث شابتها دائماً شبهات التزوير، ومن المتوقع أن تثير تلك التقارير ضجة عند نشرها. إلى ذلك، علمت «الشرق» أن الدوائر العليا في الدولة الأردنية بدأت تتدارس خيارات تأجيل الانتخابات، حيث كانت تراهن على أن تغطي نسب المشاركة العالية على مقاطعة قوى سياسية رئيسة، خصوصاً بعد نجاحها في عقد تفاهمات مع بعض القوى اليسارية والقومية لإعطاء لون سياسي للمعارضة في المجلس المقبل، لكن انخفاض نسب التسجيل فتح الباب أمام خيار التأجيل.وخلال شهر رمضان، عقد الملك عبدالله الثاني لقاءات غير علنية استمع فيها إلى آراء ٍ من جهات مختلفة حول الطريقة الفضلى لإخراج الانتخابات بأوسع مشاركة ممكنة فيها، وكان من المقرر أن تشمل لقاءات الملك شخصيات إسلامية، إلا أن ذلك لم يتم إلى الآن.