دبي – أ ف ب عبر فيلمها الروائي الطويل الأول “حبيبي راسك خربان” تقدم المخرجة- اللبنانية الأصل -سوزان يوسف ضمن مسابقة المهر العربي في مهرجان دبي السينمائي، صورة حديثة للحب المستحيل على طريقة “قيس وليلى” في غزة المحاصرة بالتزمت الديني والمجتمعي والمسحوقة بالاحتلال. ويتنافس 11 فيلماً هذا العام في مسابقة المهر العربي للروائي في دبي وسط حضور للمخرجات الشابات وبأعمال أولى كثيرة تطرقت تكراراً لموضوعات تخص الحب. ولا تخفي المخرجة -المولودة في الولاياتالمتحدة -من أب لبناني وأم سورية، التي درست السينما في تكساس أنها عاشت قصة حب في غزة دفعتها لإنجاز هذا الفيلم المبني في قسم منه على تجربتها الشخصية. تقول المخرجة بعدما دفعتها مجموعة مصادفات إلى إنجاز فيلمها الذي كتبته وأخرجته ومنتجته وأنتجته “كان لدي قصة حب مع مخرج من غزة وهو من عرفني على قصة مجنون ليلى التي شاهدتها كذلك في غزة مقتبسة في عمل مسرحي مثله طفلان في الحادية عشرة”. وتعود فترة كتابة السيناريو إلى ما قبل تسع سنوات –وفقاً للمخرجة -التي صورت مقاطع من الفيلم في قلب غزة العام 2005، لكنها لم تتمكن بعد ذلك من الوصول إلى القطاع ما اضطرها إلى إعادة التصوير مع ممثلين آخرين من غزة يعيشون بشكل غير قانوني في الضفة الغربية. ولم يستخدم الثلث المصور في غزة في الفيلم بنسخته الأخيرة لكن أجزاء منه ستضاف إلى نسخة ال”دي في دي” من الفيلم عند إصداره في السوق. وتؤكد سوزان يوسف صعوبة الحصول على تصريحات لدخول غزة الأمر الذي حال دون إتمام الفيلم فيها موضحة: “بالتأكيد لو تعاونا مع جهات إنتاج إسرائيلية، لكنا تمكنا من متابعة التصوير في غزة، لكني لم أرد ذلك بالمرة، وأنا أرفضه”. أما في الضفة فقد “اضطررنا للتصوير بكاميرا صغيرة محمولة كي نتفادى الحصول على تصاريح من الإسرائيليين”. وقد استغرق تصوير الفيلم 17 يوماً. وهذا هو الفيلم الروائي الثاني الذي يصور في غزة بعدما صور- ميشيل خليفي- شريطه “حكاية المجوهرات الثلاث” فيها، وبصفته من فلسطينيين ال48 أتيح له التعاون مع شركة إنتاج إسرائيلية. وحول كيفية اكتشافها لفلسطين هي التي ولدت وعاشت في الولاياتالمتحدة تشرح سوزان يوسف: “ذهبت إلى لبنان للمرة الأولى حين كنت في الثانية والعشرين، ولم أكن في حياتي قد زرت الشرق الأوسط ، مكثت هناك بين العامين 1999 و2001. وحتى ذلك الحين لم أكن أعرف معنى الاحتلال، وحصل التحرير وأنا هناك”. وتتابع المخرجة: “قمت بزيارة مخيمات صبرا وشاتيلا، وأحسست ما الذي تعنيه فلسطينالمحتلة لي فأحببت زيارتها، وذهبت إلى غزة، حيث استقبلت لدى عائلة فلسطينية”. ويتضمن الفيلم إدانة واضحة للاحتلال، كما يعكس جرأة المرأة في مواجهة واقعها ومجتمعها، حيث تجعل المخرجة المرأة في فيلمها تقول إنها مع المقاومة، ومع الجبهة الشعبية بعكس الرجل الذي تقدم لخطبتها، الذي يقول إنه مناصر لحماس، مع أنه طبيب عائد من الولاياتالمتحدة. وتبدو المرأة في الفيلم أقدر على مواجهة الأهل والمجتمع، بينما يهرب الرجل من هذه المواجهة، وتبدو ليلى شديدة الاحترام لبلدها تؤمن بأهلها وناسها ولا تخون، بينما يبدو الشاب، وفي مقابل الحصول على إمكانية الخلاص الفردي مع حبيبته، متردداً بشأن فعل الخيانة تجاه وطنه وأهله. كأن الفيلم يطرح وبطريقة غير مباشرة قضية الشرف، فهل هي متعلقة باجتماع فتاة محجبة في غزة بحبيبها، أو بفعل بيع الأوطان وانتهاكها عبر تزويد الإسرائيلي بمعلومات عنها؟ وتطرح الصبية واقعها بجرأة أمام والدها الذي تربطه بها علاقة جميلة، رغم تزمته، كما تبدو أكثر احتمالاً من علاقتها بأخيها الذي ينجذب لحماس، ويتغير تعامله معها، لكنها تصمد ولا تتخلى. وحول أدائها لدور ليلى، قالت ميساء عبد الهادي -لوكالة فرانس برس- إن أمها الممثلة “نجوى مباركي” طلبت من سوزان أن أؤدي الدور الذي تبحث عنه للصبية العاشقة، لكن المخرجة لم تقتنع بي، وفي المرة الثانية بعدما أقنعتها أمي مجدداً تلقيت توبيخاً، لكوني لم أظهر جوانب أقنعت المخرجة أني أصلح للدور”. أما عن الدور المسند لقيس ناشف، فقالت المخرجة إنها تعرفت عليه بالفعل في فيلم “الجنة الآن” لهاني أبو اسعد، و”شاهدت الكثير من الأفلام الفلسطينية قبل التصوير في فترة البحث عن ممثلين”. وبخصوص التمويل، فإن مكونات كثيرة تجعل من هذا الفيلم عملاً مستقلاً اعتمد فقط على هبات جهات ومؤسسات خيرية من دون الاعتماد على أي جهات تمويل رسمية، وقد استفاد الفيلم من منحة “إنجاز” لمرحلة ما بعد الإنتاج فقط. لكن المخرجة ترفض الكشف عن ميزانيته، وتؤكد “إنها لا تتجاوز ثمن سيارة فارهة في هذه البلاد”. أما حول كل هذه الهويات المختلطة في شخص المخرجة، فتعلق هي التي تزوجت لاحقاً من هولندي أثناء عملية البحث عن مساعدات لإنجاز فيلمها، لكأن السينما قررت التشابك المستمر مع حياتها “جسدي لبناني وسوري وقلبي فلسطيني”. أفلام المهر العربي | المخرجة سوزان يوسف | مهرجان دبي السينمائي