اعترف النائب العراقي جواد البزوني، وهو قيادي سابق في حزب الدعوة الإسلامية بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي، بأن بلاده أصبحت بوابة إيران للالتفاف على القرارات الأممية ضد اقتصادها. وقال البزوني، وهو الآن نائب مستقل عن محافظة البصرة، في تصريح صحفي أمس، إن عمليات الالتفاف التي تعتمد عليها إيران في مواجهة القرارات الدولية تقوم على عمليات التهريب عبر الحدود الطويلة مع العراق، وهي عمليات رائجة منذ فترات زمنية بعيدة لعدم السيطرة على الحدود بشكل كامل. طلب استثناء وكان الناطق الرسمي باسم الحكومة العراقية، علي الدباغ، أكد في تصريحات صحفية التزام العراق بالقوانين الدولية التي تحكم علاقاته المالية مع إيران، لكن مصادر عراقية مطلعة في العاصمة الأردنية عمان أكدت ل»الشرق» أن النفي العراقي يتنافى مع طلب عراقي رسمي تقدمت به وزارة الخارجية في بغداد إلى بعثة الأممالمتحدة في العراق، ومن خلالها إلى مجلس الأمن الدولي لاستثناء العراق من العقوبات المفروضة على إيران. وبحسب المصادر، فإن نسخة من هذا الطلب أُرسِلَت إلى وزارة الخارجية الأمريكية لاستثناء العراق أيضاً من العقوبات التي يفرضها الكونغرس على الاقتصاد الإيراني. وأشارت المصادر ذاتها إلى أن التبادل التجاري المعلن بين العراق وإيران لعام 2011 وصل إلى 12 مليار دولار، فيما لم يتضمن هذا التبادل التجاري بين القطاع الخاص في البلدين. كما لم يشمل هذا الرقم التبادل المنفعي بين الجانبين فيما يُعرف ب»تجارة الحدود»، ولم يتضمن عمليات غسيل الأموال التي تجري من قِبَل بنوك ومكاتب صيرفة عراقية لتحويل أموال طائلة في مزاد البنك المركزي العراقي إلى حسابات سرية في سويسرا لصالح الحرس الثوري الإيراني. علاقات سرية وفي هذا الصدد، لفتت المصادر إلى ما سمته تطبيق ذات نموذج تملص النظام العراقي السابق من العقوبات الدولية في تكوين شركات وجاهية لصالح صناعته العسكرية من خلال عقود تمويل شراء معدات عسكرية وأسلحة باسم شركات عراقية أو مكاتب يديرها عراقيون في عواصم آسيوية لصالح مؤسسات عسكرية إيرانية، يقوم بقيادتها بنك «ملي إيران» في فرعه الرئيس داخل العاصمة العراقية بغداد، يشاركه في هذا العمل بنك العراق التجاري الحكومي وأربعة مصارف أهلية أبرزها بنك «إيلاف الإسلامي» وبنك «البلاد الإسلامي» الذي يديره حسن الأرزي قريب الزعيم السياسي المعروف أحمد الجلبي. وتجد هذه المصادر أن النفي الرسمي بوجود مثل هذه المصالح الاقتصادية المشتركة بين إيران وقيادات الأحزاب الشيعية، لاسيما المجلس الإسلامي الأعلى بقيادة عمار الحكيم، والشركات التي يديرها الناطق باسم الحكومة علي الدباغ، فضلاً عن مكتب مؤسسة الخوئي -التابعة للمرجعية الدينية في النجف- الواقع في لندن، يأتي في إطار العمل على تسهيل عمليات غسل الأموال وإعادة التصدير بأسماء متنوعة حتى تصل إلى المستخدم الأخير في العراق أو بعض دول الخليج العربي لاسيما الكويت، لتنتهي بإعادة التصدير بأوراق جديدة إلى الموانئ الإيرانية وأبرزها ميناء بندر عباس على الخليج العربي. وأشارت هذه المصادر إلى استخدام إيران لمنصتين من المنصات الأربع الجديدة لتصدير النفط في أعالي الخليج العربي، لنقل النفط من جزيرة خرج بناقلات صغيرة لإعادة تصديره في ناقلات نفطية عملاقة لصالح دول آسيوية ترفع ناقلاتها أعلام دول إفريقية. وفد أمريكي وينتظر العراق وصول وفد رئاسي أمريكي لمناقشة هذا الملف فضلاً عن ملف الأزمة السورية، وتؤكد هذه المصادر في حديثها ل»الشرق» أن ملاحظات الوفد الأمريكي الذي ترأسه رئيس الأركان المشتركة الجنرال ديمبسي خلال الأسبوع الماضي، ناقش الجوانب التفصيلية التي يمتلكها وهي أكثر بكثير مما تم تسريبه لصحيفة «نيويورك تايمز» القريبة من البيت الأبيض. وأضافت المصادر «سيكون من اللازم على العراق تحديد موقفه من تفعيل الاتفاقية الاستراتيجية بين البلدين، التي تنص على عدم قيام العراق بأي عمل يتعارض مع المصالح الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة، وهو الآن يخالفها في ملفين مهمين، العقوبات على إيران، والأزمة السورية». ورجحت هذه المصادر أن يحاول العراق التملص من هذه الالتزامات بعد تصاعد الاحتجاج الأمريكي على الدور العراقي في خرق طهران للعقوبات الدولية ومعارضته للرغبة الدولية بسقوط نظام بشار الأسد، مشيرة إلى تكليف رئيس الوزراء نوري المالكي لجنة السياسات الخارجية المرتبطة بمكتبه بإعداد الأجوبة التي طُرِحَت من قِبَل الوفد الأمريكي قبل وصول الوفد الرئاسي الذي يُتوقَّع أن يترأسه نائب الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن خلال الأسبوع الجاري أو المقبل.