شهد منفذ البطحاء الحدودي – بين المملكة و دولة الإمارات – زحاماً شديداً خلال الأيام القليلة الماضية. عشرات الآلاف من السعوديين قضوا إجازة العيد في الإمارات. و في الطريق بين أبو ظبي و دبي تشاهد عشرات السيارات السعودية والبحرينية والقطرية والكويتية والعمانية. كيف نجحت الإمارات في استقطاب عشرات الآلاف من السواح الخليجيين في الوقت الذي لا يختلف فيه طقسها عن بقية دول الخليج؟ المسألة – في ظني – أبعد من توفر الخدمات الترفيهية المبهرة مثل المولات و دور السينما و ملاهي الأطفال. إنها منظومة متكاملة من الخدمات تشمل الأمن و الطرق و أريحية التعامل و ذلك الشعور المهم بالحرية من عيون الفضوليين التي تراقب حركتك. في أسواق دبي، مثلاً، تندمج الغترة أو العباءة الخليجية مع آلاف المتسوقين من أوروبا وآسيا و كل يعرف حدوده. لا توجد تجربة خليجية مثالية. ما من تجربة إلا ولها بعض السلبيات مثلما لها من إيجابيات. لكن قدرة دبي – كنموذج مختلف – في صناعة اقتصاد من مقوماته الأساسية السياحة هي تجربة مهمة جديرة بالدراسة. يخبرني أصدقائي من أهل دبي، و بعضهم من كبار تجارها، أن دبي تحررت مبكراً من فكرة الاعتماد على النفط كمصدر أساسي لاقتصادها – لأنها لا تملك إلا قليله – مما ساعدها أن تستثمر في مقوماتها الاقتصادية الأساسية. هذه العقلية التجارية السائدة في دبي أسست، منذ القدم، لهذا الانفتاح الإيجابي على الآخر من منطلقات المنافع الاقتصادية المتبادلة. و هكذا تفوقت دبي في مشاريعها السياحية الجاذبة ليس فقط للسائح من كل الثقافات و لكن أيضاً للمستثمر في القطاع السياحي من كل أنحاء العالم. و هكذا – و مع الوقت – تأسست ثقافة محلية في دبي تنظر للسائح، من أي مكان كان، كرافد اقتصادي مهم. هذه الفكرة انعكست على تعامل أهل الإمارات عموماً و أهل دبي بشكل أخص مع زوار بلدهم خلال مناسبات الأعياد و إجازات المدارس، من السعودية إلى الصين، و من الهند إلى روسيا. تلك تجربة مبهرة تحتاج، في ظني، إلى قراءة «اقتصادية» مختلفة ربما أمكن الاستفادة منها خليجياً.