انتخب المجلس الوطني التأسيسي التونسي، اليوم الاثنين، الدكتور منصف المرزوقي، المعارض التاريخي لنظام بن علي، رئيساً لتونس، وهو المناضل الحقوقي وزعيم حزب المؤتمر من أجل الجمهورية (يسار قومي)، ومرشح ائتلاف الغالبية المكون من ثلاثة أحزاب في المجلس. واُنتخب المرزوقي بغالبية 153 صوتاً مقابل معارضة ثلاثة أصوات، وامتناع اثنين عن التصويت، و44 بطاقة بيضاء من إجمالي 202 عضو من أعضاء المجلس البالغ عددهم 217. وستكون مهمته الأولى اختيار رئيس الحكومة المتوقع أن يكون الإسلامي حمادي الجبالي. أول رئيس جمهورية منتخب “ديمقراطياً”: وعقد أعضاء المجلس التأسيسي جلسة عامة لانتخاب رئيس الجمهورية الذي يشكل أحد رأسي السلطة التنفيذية الجديدة في تونس. وكان ائتلاف الأغلبية الثلاثي داخل المجلس المكون من حزب النهضة الإسلامي (89 مقعداً) وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية (29 مقعداً- يسار قومي) والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات (20 مقعداً- يسار وسط)، قد اتفق على ترشيح منصف المرزوقي لمنصب رئيس الجمهورية. ويملك الائتلاف الثلاثي أغلبية مريحة داخل المجلس في الوقت الذي يتطلب انتخاب الرئيس فقط أغلبية مطلقة (50 بالمائة زائد واحد). وبعد أداء القسم والتنصيب، يتولى رئيس الجمهورية تعيين رئيس الحكومة وتكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة، ويتوقع أن يتم ذلك خلال الأسبوع الجاري. “المناضل العنيد”: عُرف منصف المرزوقي (66 عاما) الطبيب والناشط الحقوقي والمفكر والكاتب السياسي بدفاعه المستميت عن حقوق الإنسان ومعارضته الشرسة لنظام زين العابدين بن علي. وانضم المرزوقي عام 1980 إلى الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان وأصبح رئيسها عام 1989. وأحيل في 1993 إلى القضاء إثر تأسيسه لجمعية الدفاع عن المساجين السياسيين. وفي 1994 خلع من رئاسة الرابطة فردّ على ذلك بالترشح لرئاسة الجمهورية، واحتُجز في مارس 1994 بالسجن الانفرادي لمدة أربعة أشهر، وأطلق سراحه في يوليو تحت ضغط حملة وطنية ودولية، تدخل فيها الزعيم الجنوب أفريقي نلسون مانديلا. وفي 2001 أيضا أسس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، الذي حظرته السلطات في عهد بن علي. يساري “عروبي” حليف للإسلاميين: ورغم إشادة الكثيرين لنزاهة المرزوقي ووفائه لنضاله، إلا أن بعض اليساريين ينتقدون اقترابه من الإسلاميين، في حين يرى آخرون في ذلك براعة سياسية كبيرة أتاحت له تحقيق نتيجة جيدة في الانتخابات، حيث لم يسعى مثل باقي أحزاب اليسار التونسي التي منيت بهزيمة انتخابية إلى استعداء الإسلاميين، لكنه ركز على تجاوز المرحلة الانتقالية بنجاح. واختلف المرزوقي مع رفاق دربه من اليسار العلماني ممن وصفهم ب “اليسار العلماني والفرنكفوني القديم المنقطع كليا عن القضايا الحقيقية للشعب التونسي”، وذلك من 2003 خصوصاً في الموقف من إسلاميي النهضة. ومع أنه لم يغير من موقعه اليساري، فإنه اقترب من الإسلاميين خاصة، بسبب تمسكه بالهوية العربية الإسلامية. وقد صرح في هذا الشأن، بعد الانتخابات الأخيرة: “النهضة ليست الشيطان، ويجب عدم اعتبارهم طالبان تونس، إنهم فصيل معتدل من الإسلاميين”، غير أن ذلك لم يمنعه من التأكيد على وجود “خطوط حمراء” لا جدال فيها مثل “الحريات العامة وحقوق الإنسان وحقوق المرأة والطفل”. تونس، انتخاب رئيس جديد