كبارنا أنجزوا واجباتهم وأخلصوا في التضحية وأتموا رسالتهم .كبر الأبناء ووصلوا الأرحام وكونوا الأصدقاء .ثم انفرط العقد بينهم فرحل من رحل من الرفقاء ووجدوا أنفسهم وحيدين في زاوية بعيدة. هم بحاجة لرفقتنا .فهل نتركهم وهم لم يتركونا حين كنا بحاجتهم؟ حين تعلمنا الكلام كانوا يستمعون لكل كلامنا.كنا نصدر أصواتا غير مفهومة وكانت لهم القدرة على فهم حركات شفاهنا.أفلا نسمعهم وقد ارتعشت أصواتهم. ربما أعادوا الكلام مرارا وقد نسوا ما قالوا من قبل.هل تكرارهم للكلام والطلبات يعكر صفو متعتنا؟ أننسى كم هزت الجدة مهدنا وكم احتمينا بالجد هربا من غضب الوالدين .وكم ضمونا إلى دفء صدورهم المفعمة بالحنان . كم قصت علينا الجدة حكايات وضحت رغم سنها براحتها لتلعب معنا وكم حمل لنا الجد هدايا بسيطة أوقطعة حلوة يدسها بيده المرتعشة في يدنا . أبيض ما بقي من شعر رؤوسهم وعلت التجاعيد ملامحهم.كل أخدود في بشرتهم يحكي حكاية معاناة وعمر مضى.فحياتهم لم تكن بسهولة حياتنا في الأيام الحالية . من الصعب أن نبعدهم عن مائدة الأسرة للإفطار لأن أياديهم ترتجف وقد ينسكب الماء على ملابسهم.أنضعهم جانبا حتى لا يحرجوا الآخرين بحركاتهم غير المتوازنة؟ هل ننسى الوقت الذي كان صوتهم يبهج القلوب وضحكاتهم تنعش الحياة وأناشيدهم تجلب الاطمئنان ؟أيكون هذا جزاء أنبل الناس وهم الخير كله؟. نحن نبتسم للغريب ونلقاه بعبارات الترحيب فكيف نوجه الكلمات الجافة لمن أكرمنا الله أنهم مازالوا يعيشون معنا؟.هم بحاجة للشعور بالحب .سنحبهم من قلوبنا أكثر لو افتكرنا أننا سنكبر وسنكون مثلهم وأنهم قد لا يكونون معنا في عامنا القادم.سيظل هناك جرح في القلب سيؤلمنا.هم سامحونا ولكن لنتسامح منهم ثانية على كل تصرف قاس أقلق قلوبهم الطيبة. اللهم بارك في كبارنا وأكسبنا برهم ورضاهم.