ظل المصريون لسنواتٍ طويلة من أكثر الشعوب العربية دعما للقضية الفلسطينية عبر تنظيم التظاهرات الداعية لرفع الحصار الإسرائيلي على غزة أو عبر جمع التبرعات أو حتى تنظيم المعارضين لزيارات سرية لدعم القطاع الذي لم يكن المسؤولون عنه على علاقة طيبة برئيس مصر السابق حسني مبارك. لكن خطوات الرئيس المصري الجديد محمد مرسي لدعم غزة بالوقود والكهرباء فتحت عليه باباً واسعاً من الانتقادات وصلت إلى درجة صناعة حالة من العداء مع الفلسطينيين. ويقول مراقبون إن تصريحات مرسي حول دعم قطاع غزة بدت إيجابية لكنها استفزت جموعا من المصريين الذين يعانون نفس المشكلات ولا يجدون من يساعدهم. ويعاني قطاع غزة من وضع إنساني صعب نتيجة الانقطاع المتكرر للكهرباء بسبب شح المحروقات من الغاز والسولار لتشغيل محطات الكهرباء فيها، لكن مصر تعاني وضعاً متفجراً أيضا هذه الأيام بسبب الانقطاع المتكرر للكهرباء في أجواء صيفية حارة للغاية، كما تعاني مدن مصرية عدة شح إمدادات البنزين والسولار اللازم لتسيير المركبات. وترتبط جماعة الإخوان المسلمين بعلاقات متينة مع حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة منذ يونية 2007، عكس نظام مبارك الذي كان يعادي حماس في مقابل علاقته الممتازة مع حركة فتح. وبعيد لقائه مع رئيس وزراء حركة حماس، إسماعيل هنية، أوصى الرئيس مرسي بزيادة كمية الوقود اللازم لتشغيل محطة توليد الكهرباء الوحيدة في قطاع غزة، وإمداد خط أنبوب غاز لشركة توليد الكهرباء. وانتشرت على موقع «الفيس بوك» صورة لأطفال شوارع مصريين وتحتها تعليق يقول «نعتذر لكم بالنيابة عن الرئيس لأنه مشغول في مساعدة مواطني غزة»، وذلك ضمن حملة كبيرة ضد «مرسي» على مواقع التواصل الاجتماعي وصفته ب»رئيس غزة». ويقول مراقبون إن «صناعة العداء تجاه غزة» تُستخدم أساساً لأغراض سياسية داخلية بحتة على رأسها محاولة تقليل شعبية الإخوان المسلمين في الشارع المصري ووضعها في صورة من يخدم حلفاءه الخارجيين على حساب المصريين، كذا اللعب على وتيرة أن الرئيس مرسي ليس رئيسا لكل المصريين. بدوره، يعتقد القيادي الإخواني محسن راضي أن ما يفعله الرئيس مرسي من خلال نصرة المظلوم في غزة هو الصواب، وقال راضي، «حملة الهجوم على مرسي بسبب غزة استمرار للهجوم غير المبرر على الإخوان وتيار الإسلام السياسي ككل»، مضيفا، «المصريون يدعمون غزة منذ سنوات فلماذا الاعتراض الآن». أما المدرس المساعد في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، إسلام حجازي، فيرى أن ما يفعله مرسي ضروري للغاية لإعادة دور مصر الحيوي للقضية الفلسطينية «لكن لابد أن يكون ذلك الدور متوازنا تجاه جميع الأطراف سواء حماس أو فتح»، حسب قوله. ويعتقد حجازي، في حديثه ل «الشرق»، أن تصريحات مرسي وغيره من قيادات الإخوان حول «غزة» كانت غير موفقة وفي غير وقتها بسبب الوضع المتردي في القطاعات الخدمية في مصر خاصة في قطاعات الكهرباء والوقود.