أرجع رئيس مركز الجواهري في براغ رواء الجصاني حضور الشاعر محمد مهدي الجواهري في ذاكرة العرب في حياته وبعد مماته، إلى كونه الرمز الوطني العربي والإنساني الذي أرّخ للأتراح والأفراح من داخل الحلبة، بل ومن وسطها، مقتحماً ومتباهياً. وأوضح الجصاني ل «الشرق»، بصفته ابن أخت الجواهري، وأحد المقربين منه في حياته، أن محمد مهدي رحل إلى دار الخلود في 27 يوليو عام 1997 وترك خلفه تراثا لواحد من أبرز أعلام الأمة، بل الأبرز شعريا، طبقاً لقوله. وقال إن ذكرى رحيل الجواهري الخامسة عشرة باعثة أمل لكل إنسان على التعامل الراقي مع الحياة والأحياء، مستعيداً فصولاً من سيرة أبي فرات، ذاكراً إنه «المتميز بعبقريته التي يخشى أن يجادل بشأنها أحد، والسياسي الذي لم ينتم لحزب، بل كان حزبا بذاته، يخوض المعارك شعراً وله مواقف رائدة». وأضاف أن خاله «أحب الناس كل الناس، من شبّ ومن شابَ، ومن أسودّ كالفحم، ومن أشرق كالماس»، لافتاً إلى أن الجواهري كان وديعا كالحمامة، إلا أنه يكون منتفضا كالنسر حين يستثيره «ميتون على ما استفرغوا جمدوا»، مشيراً إلى أن الشعراء يقيسون قاماتهم على «عمود قامته الشامخ»، كونه الطَموح الوثاب، الذي كان منذ فُتوته «يخشى أن يروح ولم يبقِ ذكرا». وتابع إن الجواهري رحل وقصائده «ملؤ فم الزمان»، و»بقي وفنى نيزك وشهاب»، وابتنى مفاخره في نصوصه، فقال «وها هو عنده فلك يدوي، وعند منعم قصر مشيدُ، يموت الخالدون بكل فج، ويستعصي على الموتِ الخلودُ». ويتساءل الجصاني تُرى هل صدق فيما قال؟، ويجيب: التاريخ وحده شاهد حق عزوف عن الرياء، واصفا ما أقيم البارحة في ذكرى وفاة الجواهري، ب»مسايرة أمم العالم، في تكريم عظمائنا ورموزنا، والاحتفاء بهم، أحياء، وراحلين، علّنا نحث الخطى أكثر فأكثر، لنلحق بركب السائرين في مواكب الحضارة».