قد يتساءل البعض وهل هناك تجارة مع الله؟ وأقول: وهل هناك أجمل وأصدق من التجارة مع الله بيعاً وشراء.. قرضاً واستيفاءً؟! بالله عليكم أي تجارة تعطي ربحاً بمقدار عشرة أضعاف وأكثر، أوليست الحسنة بعشر أمثالها، ثم إلى سبعمائة ضعف، ميزة هذه التجارة أنها لا تحتاج إلى جدوى اقتصادية وخطة عمل وتوظيف وسعودة .. الأمر أهون من ذلك بكثير، يقول تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ • لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ [فاطر: 29 - 30] هل سنجد تاجراً يهبَنا ما نتاجر به معه، ثم هو يضمن لنا رأس المال والأرباح، ثم هو يَزيدنا مِن فضله بالمغفرة والشكر. هي التجارة مع الله. يقول صلَّى الله عليه وسلَّم: (مَن كانتِ الآخرة همَّه جعَل الله غناه في قلْبه، وجمَع له شمْلَه، وأتتْه الدنيا وهي راغمة). هنا يمنحنا الله الغنى، ومن لا يبحث عن الغنى؟ وما الثمن يا ترى؟ فقط أن تكون الآخرة هي همك، طبعاً هذا الهم وهذه الرؤية العميقة للهدف البعيد سيترتب عليها أن تتغير كل حياتك إلى الأفضل. يقول سبحانه: إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [التوبة: 111] هنا يشتري الله من المؤمنين البضاعة، وهي النفس التي وهبَها لهم، وأموالهم التي رزقها لهم، وكلاهما هبة من الله سبحانه، فالله يشتري هبته، ما الثمن؟ إنه الجنة، ثم يصف الله البيع بالبشرى من تمام محاسنه، وأنه هو الفوز العظيم. أما القرض مع الله فيقول عنه تعالى: إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ [التغابن: 17]، ويقول سبحانه: مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ [البقرة: 245] تخيل أن يمنحك أحد مالاً ثم يطلب منك أن يقترضه منك، ويزيد على ذلك بأن يعيده لك، ليس برأس ماله فقط ولكن أضعافاً مضاعفة، هذا هو الفرق بين التجارة مع الله والتجارة مع الناس، ولا يكتفي الله برد القرض بل يضيف عليه هديته التي لا يعدلها شيء وهي المغفرة. إنها التجارة مع الله.. النشاط الوحيد الذي إذا تعاملت معه بإخلاص.. لن تجد الخسارة في قاموسه.