قدم الشيخ حمد بن عبدالله بن خنين المستشار الشرعي والباحث الاعلامي، عضو الجمعية الفقهية السعودية مجموعة نصائح للتجار بدأها بقوله: ينبغي على التاجر أن يتحلى ويتصف بالمثالية في حياته وتعاملاته ويصدق في نواياه ويخلص عمله لله سبحانه ويتجنب الرياء في أعطياته ويتوكل على الله ويأخذ بأسباب الرزق الحلال، كما أن على التاجر وعماله غلق المحلات عند الأذان والتوجه مباشرة للمساجد للصلاة مع الجماعة ، كما أن على التاجر الايمان بأن الله تعالى ضمن الأرزاق لجميع المخلوقات قال تعالى: (وفي السماء رزقكم وما توعدون. فورب السماء والأرض إنه لحقٌ مثل ما أنكم تنطقون) الذاريات : 23،22. وقال سبحانه : (وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين) هود: 6. وعن أبي أمامة رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن روح القدس نفث في روعي أن نفساً لن تموت حتى تستكمل أجلها وتستوعب رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملن أحدكم استبطاء الرزق أن يطلبه بمعصية الله، فإن الله تعالى لا ينال ما عنده إلا بطاعته) صحيح الجامع حديث 2085. وعن أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن الرزق ليطلب العبد أكثر مما يطلبه أجله) صحيح الجامع للألباني حديث 1630. كما أن التفقه في الدين ومعرفة أحكام التجارة شرعاً وخاصة التي يمارسها أمر مطلوب وذلك بسؤال أهل العلم والاطلاع على مصادر الفقه حتى يتجنب الشبهات والوقوع في الحرام و ليبتعد عنه ويحذره، كما أن حسن اختيار التاجر لمعاونيه ولشركائه أمر مهم للغاية من حيث المصداقية والأمانة لأن الانسان عادة يتأثر بمن يلازمه. عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي) أخرجه الترمذي وصححه الألباني حديث 1952. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل) أخرجه أبو داود وصححه الألباني حديث 4046. كما أنه ينبغي على التاجر أن يعتاد على استخارة الله تعالى في أموره الهامة، وأن يستشير أهل الخبرة من الصالحين في الأمر الذي يريد أن يقدم عليه ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه الاستخارة كما لا يخفى أن الاستيقاظ مبكراً لطلب الرزق الحلال متبعاً في ذلك سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، فعن صخر الغامدي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اللهم بارك لأمتي في بكورها، قال: وكان إذا بعث سرية أو جيشاً بعثهم أول النهار وكان صخر رجلاً تاجراً وكان إذا بعث تجاراً بعثهم أول النهار فأثرى وكثر ماله) أخرجه الترمذي وصححه الألباني كما أن على التاجر أن يكون في تجارته من الدعاة المخلصين إلى الله تعالى فيحث الناس على الخير ويمنعهم ويحذرهم من الشر قدر استطاعته بالحكمة والموعظة الحسنة قال الله تعالى: (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر) سورة آل عمران آية : 110 وقال سبحانه (أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة) النحل :125 ، كما يجب على التاجر سؤال المختصين عما يجهله (فمن اتقىالشبهات استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام) رواه البخاري حديث 52 ومسلم حديث 1599 ، كما ينبغي للتاجر أن يكون لسانه رطبا بذكر الله تعالى في كل وقت فيحرص على أذكار ختام الصلاة والصباح والمساء والسفر وغيرها وليعلم أن هذه الأذكار المشروعة هي السبيل لمرضاة الله تعالى واطمئنان قلب العبد المسلم قال سبحانه : (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب) الرعد 28 ، كما ينبغي الصدق مع الله ومع الناس وأداء الأمانة لأهلها لتكون شعاره. قال الله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) التوبة : 119 وقال سبحانه : (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها) النساء: 58 ، وعن حكيم بن حزام رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبَّينا بُورك لهما في بيعهما وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما) البخاري: 2079 . وينبغي للتاجر أن يتجنب الحلف ولو كان صادقاً لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد نهانا عن الحلف في البيع والشراء فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (الحلف منفقة للسلعة ممحقة للربح) مسلم حديث 1606، وليحذر كل تاجر أن يشتري بأيمان الله مالاً حراماً قال الله تعالى: (إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمناً قليلاً أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم).آل عمران: 77، كما أن على التاجر الانفاق في سبيل الله تعالى وهذه هي التجارة الرابحة في الدنيا والآخرة فليحرص على الانفاق من ماله قدار استطاعته في وجوه الخير الكثيرة مثل بناء المساجد وعمارتها ونشر كتب العلم النافع ومساعدة الفقراء وكفالة الأيتام المحتاجين وتفطير الصائمين في رمضان ودعم الجمعيات الخيرية ومكاتب الدعوة ونحو ذلك فالصدقات تزيد الحسنات وتزيد المال قال تعالى: (إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وانفقوا مما رزقناهم سراً وعلانية يرجون تجارة لن تبور، ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور) فاطر 30,29 . وقال جل شأنه : (مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم) البقرة : 261، وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( ما نقصت صدقة من مال وما زاد الله عبداً يعفو إلا عزاً وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله) مسلم حديث 2588 ، وليحذر التاجر من وسوسة الشيطان في مسألة الانفاق وصدق الله تعالى حيث قال: ( الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلاً والله واسع عليم ) البقرة 268 ، كما يتطلب السماحة والرفق عند البيع والشراء عن جابر بن عبدالله (رضي الله عنهما) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (رحم الله رجلاً سمحاً إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى) البخاري صحيح 2076، وعن عائشة رضى الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه) مسلم حديث 2594، والصبر على المعسرين والتجاوز عنهم من الأخلاق الحميدة قال تعالى (وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة) البقرة 280 ففي الصبر على المعسر فضل عظيم عند الله يوم القيامة. عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كان تاجر يداين الناس فإذا رأى معسراً قال: لفتيانه : تجاوزوا عنه لعل الله أن يتجاوز عنا فتجاوز الله عنه) البخاري حديث 2078 مسلم حديث 1562. كما أن مسألة الغش والاحتكار مدمرة للنجاح في التجارة واستغلال لظروف الناس وحسن نواياهم فليحذر التاجر من احتكار السلع واخفائها لاستغلال حاجة الناس وأشد منهما رفع الأسعار بلا سبب ظاهر أو بسبب الاشاعات واستغلال الاخرين وكسب أرباحاً بلا وجه حق ، وفي الختام كتابة الوصية الشرعية لأن الإنسان لا يدري متى وأين وكيف ينتهي أجله؟، ولذا ينبغي على التاجر أن يدون وصيته يكتب فيها ما له وما عليه وله حق تغييرها بتغير الظروف حتى إذا جاءه الموت بغتة لا تضيع حقوق الناس وحقوق الورثة وحق الوصية بالثلث لغير وارث قال الله تعالى : ( إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غداً وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير) لقمان : 34 . وعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( ما حق امرىء مسلم له شيء يوصى فيه يبيت ليلتين إلا وصيته مكتوبة عنده) البخاري حديث 2738 مسلم 1627. اسأل الله تعالى أن يجعل عمل تجارنا خالصا لوجهه الكريم وأن ينفع بما كتبنا تجارنا المسلمين.