مشروعات عدة قامت بها الهيئة العامة للطيران المدني، من أهمها إنشاء المطارات الحديثة في بعض المدن الكبرى بالمملكة، ولكنها لاتزال مترددة في التوسع في مشروعات المطارات الإقليمية والمحلية. صحيح أنها أنهت بعض المشروعات ولكنها بحاجة إلى أن تسير بخطوات أكثر اتساعاً، فمعدلات الراغبين في السفر جواً في ازدياد، وأعداد الشركات الراغبة في دخول صناعة السفر الجوي بالمملكة في ارتفاع ملحوظ. مما يدعو إلى الاستغراب أن هيئة الطيران المدني لم تستطِع حتى الآن ضبط ما يصدر عنها من بيانات وتصريحات صحفية، فهي وفق بيانها الصحفي الصادر في 27 رجب الماضي ترى أن مطارات المملكة تتمتع بطاقة استيعابية جيدة وقادرة على استيعاب رحلات إضافية في حال طلب شركات الطيران زيادة رحلاتها لتلبية الطلب المتنامي في موسم الصيف، ثم تشير إلى أن مطار الملك عبدالعزيز الدولي من ضمن المطارات التي تعمل فوق طاقتها الاستيعابية التصميمية. ومع ذلك فإنني أتفق مع من يقول إن الهيئة قد فتحت آفاقاً أوسع أمام شركات الطيران الأجنبية وتجاوبت مع طلبات توفير رحلات سفر دولية من وإلى المطارات الإقليمية بالمملكة، ووصلت على حد قول الهيئة إلى 11 شركة طيران غير سعودية توفر 318 رحلة دولية أسبوعياً من وإلى المطارات الإقليمية، وهذا أمر محمود ولكن في المقابل ألا يتطلب الوضع أن تقوم الهيئة بتطوير مشروعات مطاراتها الإقليمية لتتناسب مع الأعداد المتوقعة من الرحلات والمسافرين؟ إن من يمعن النظر في رسالة الهيئة المنشورة في موقعها الإلكتروني وبين واقع معظم مطاراتنا تتملكه الدهشة وتعلو وجهه علامات الاستغراب، فرسالة الهيئة تنص على: «تطوير النقل الجوي من خلال بناء وإدارة وتوفير وتشغيل التجهيزات الأساسية للمطارات والملاحة الجوية وصيانتها وفق أحدث النظم وأدق المعايير، وتطبيق الأنظمة واللوائح والإجراءات الكفيلة بسلامة وأمن النقل الجوي». لنأخذ مطار الطائف الإقليمي مثالاً حياً ودليلا قائماً على إهمال الهيئة طوال السنوات الماضية لهذا المطار حتى جاءت (بيضة الديك) بتخصيص مبلغ مالي متواضع يقدر بسبعة ملايين ريال لتطوير صالات المطار وبعض المرافق الأخرى، مع إجراء التحسينات على بعض الخدمات الأرضية في المطار، وهي خطوة جاءت متأخرة لأكثر من ثلاثين عاماً. ولعل ما خفف من مصاب السائحين وسكان محافظة الطائف والمناطق المجاورة لها ما أعلن في الصحف منذ عدة سنوات عن إنشاء مطار دولي على بُعد ثلاثين كم تقريباًَ شمال المدينة وعلى مساحة تقدر بحوالي 57 كلم مربعاً، وأن المشروع قد حظي بتأييد من مجلس منطقة مكةالمكرمة ليكون رافداً لمطار الملك عبدالعزيز بجدة خلال موسم الحج، ولكننا حتى الآن (نسمع جعجعة ولا نرى طحناً)، وإذا كان الأمر سيسير على نفس النسق فيبدو أننا سننتظر ثلاثين سنة أخرى حتى تبت الهيئة مع وزارة المالية في قرار إنشاء المطار الجديد. إن «الطائف الجديد» الذي أعلن عنه صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكةالمكرمة، ويضم مدينة سوق عكاظ التابعة للهيئة العامة للسياحة والآثار وواحة التقنية ومشروع جامعة الطائف والإسكان الجديد والمدينة الصناعية وغيرها، ستكون في موقف لا تحسد عليه أمام التباطؤ الكبير والتأجيل المتكرر للمشروع. وأمام كل ذلك كيف يمكن للتنمية في الطائف أن تحقق طموحات ولاة الأمر – يحفظهم الله – وتلبي احتياجات المواطنين في الطائفوالباحة ومحافظات الخرمة وتربة ورنية وغيرها؟! فهناك أكثر من مليون ونصف يسكنون الطائف إضافة إلى مئات الألوف من سكان المحافظات والقرى المنتشرة في جميع أرجاء المحافظة وفي منطقة الباحة، وأكثر من مليونيْ سائح يزورون الطائف سنوياً. هناك من يرى أن الهيئة لديها الرغبة الفعلية في إنشاء المطار الجديد، ولكن الاعتمادات المالية غير متوفرة، وأن السبب يرجع إلى عدم تخصيص المبالغ اللازمة للمشروع من وزارة المالية. إذا كان ما سمعته صحيحاً فأقول بكل صراحة انسوا المشروع وقولوا (عليه السلام). كما أنني لا أدري حتى الآن ما هي مشكلة وزارة المالية مع التنمية في بلادنا رغم الميزانيات الضخمة والتوجيهات الصريحة لولاة الأمر -يحفظهم الله- بتنفيذ المشروعات التنموية في كل أنحاء المملكة دون إبطاء. وأخيراً.. فإن الأمل معقود في سمو الأمير فهد بن عبدالله بن محمد رئيس الهيئة، أن يولي هذا المشروع اهتمامه المعهود، وألا يجعلنا ننتظر طويلاً، فقد عرفنا عنه سعة الأفق ورحابة الصدر والإخلاص في العطاء.