ما زلنا أمام معضلة المنتج الدرامي الذي يعرف كل شيء: يأتي بالأفكار، يؤلف، يكتب السيناريو، بطل الحلقات كلها، تلاحقه الكلوزات أينما حل وارتحل، يختار المخرج الذي يكون على مزاجه، يأمر ينهى، يختار اللوكيشن، يمنع، يعطي، يؤثر، يبعد، وقل ما شئت حول هذه الهيمنة الفردية التي لا نظير لها، وبالتالي يريد هذا ( الملتي منتج ) أن ينجح في عمله، ويتعجب عندما يرى ردود أفعال سلبية على أعماله التي بالتأكيد تكون كلها ذات صبغة واحدة، فالشخصية هي نفسها، والأفكار هي ذاتها، والحوار هو الحوار، ولا شيء جديد في الحلقات اللاحقة. لا يمكن ويستحيل أن يفهم شخص واحد كل هذه المستويات الفنية التي تمثل كل واحدة منها عالماً بذاته، فلم يخلق بعد ذلك الفنان الذي يعرف جميع تفاصيل العمل الدرامي وكل أفانينه. لم يخلق بعد ذلك المنتج الذي يجيد كل عناصر العمل الدرامي، لم يأت ولن يأتي في عالم الإنسان. وما نشاهده هذا العام، هو سيطرة إنتاجية بلا حدود تغيب كل ملكات الإبداع لدى الآخرين، الذين أتوا ليقدموا شيئا ذا معنى. وفي الجانب الآخر نرى ونسمع في كواليس الإنتاج: أكل حقوق، إدارة سلبية، عدم تقدير للممثلين، هضم حق الممثلين الذين لهم تاريخ: سواء في الاستقبال أوالتقدير أو الأجر، غياب الجدول الزمني المتقن للتصوير، ضعف تجهيز اللوكيشن، الأمر الذي يدعو المخرج لأن ينهي التصوير بأي شكل وكيفما اتفق، والجود من الموجود، فلا خدمات إنتاجية يمكن أن تدعم فكر المخرجين، ولا خدمات إدارية ومواصلات تسهل أعمال التصوير، كل ما في الأمر أن (تشوت) الحلقة بأي شيء ولو دعا الأمر استخدام قدمك، وتمنتج في ساعات متأخرة تحت ضغط العمل والجهد والسهر. معضلة الإنتاج والمنتج ما زالت قائمة حتى إشعار آخر.