تتمتع مملكتنا الغالية بمكانة دينية واستقرار سياسي وثقل اقتصادي أضحت معه مبتغى ومكاناً خصباً وآمناً لتدفق العمالة الأجنبية ذات المهن البسيطة من أجل لقمة العيش، هذا النزوح يهمنا منه ما يليه من بروز لظاهرة هروب وتخلف العمال بعد وصولهم والتي أضحت تهدد المواطن في مأكله ومشربه ومأمنه ومكسبه. نحن بلا شك في هذا الوطن المعطاء حكومة وشعباً لسنا ضد من يقصدنا من أجل العمل وكسب لقمة العيش بالطرق المشروعة، ولا مشاحة في ما يتحصل عليه العمال من كسب مادي نظير الجهد والعمل المشروع، فقلوبنا مفتوحة وأيادينا ممدودة للتعامل مع الجميع أيا كان جنسه أو ديانته، بل نحن على قناعة بالحاجة لخدمات من يأتي إلينا قبل حاجته للعمل لدينا طالما التزم في عمله بأنظمة العمل والإقامة. لكن المشاهدات والتجارب تنبئ عن وجود نوع من الجمود الذي أصاب الجهات الحكومية المعنية بالأمر، وعجز في أدائها لمهامها، وعدم متابعة للعمال بشكل مستمر للوقوف على أنها تؤدي نفس العمل الذي من أجله استقدمت، وتزامن ذلك مع عدم جدية الأجهزة الأخرى المعنية بملاحقة من يهرب منهم بالقبض والتسفير والحرمان من العودة بعد استيفاء حقوق الغير منه، بل إنه نتيجة لهذا التقصير والتراخي من هذه الجهات وإحساس العمال بالأمن من العقوبة، أضحى الكثير منهم يقومون بأعمال وممارسات غير نظامية جهارا نهارا وفي ذلك جرأة على مخالفة القوانين وإساءة واحتقار للنظام العام، وخدش لهيبة هذه الأجهزة وتطاول عليها، وضياع لحقوق المواطنين ممن تكبدوا عناء وتكاليف الاستقدام المادية والمعنوية. لذا نحن في حاجة إلى التفاتة صادقة ممن يضع مصلحة الوطن والمواطن فوق كل اعتبار ويتعامل مع ملف العمالة الهاربة والمتخلفة بشكل حازم قبل أن تتفاقم مشاكلها ومن ثم تخرج عن السيطرة، فما يحصل من هروب واختفاء وتجمعات وتكتلات للعمالة الأجنبية، وجرأة ومجاهرة في مخالفة القوانين واستنزاف لاقتصاد الوطن، له كلفته السياسية، والأمنية، والاقتصادية، ..إلخ، في ظل الغياب التام للمكافحة، فالمواطن الغيور على وطنه يتساءل: هل هو عجز لدى الأجهزة المعنية في التعاطي مع هذه المشكلة، أم هناك مستفيد من بقاء هذه المشكلة على هذا النحو؟!