لم تهدأ جبهة الشمال اللبناني طوال الليالي الماضية، بل كانت الحدود مع سوريا مشتعلة يومياً، يشبِّهها البعض بحرب غير معلنة يُقتَل فيها مدنيون ويُهجّر آخرون، فالقذائف السورية تتساقط بكثافة على القرى الحدودية، آخرها كان خلال الليلة الماضية حيث أُفيد عن سقوط 15 قذيفة سورية، علماً أن القصف لم يقتصر على الممرات الحدودية فحسب، بل طالت بعض القذائف المتساقطة منازل المواطنين الآمنين في عددٍ من قرى وادي خالد. ويبدو الجيش السوري كمن يُمشّط المنطقة، يتّهمه الأهالي بالتصعيد ومحاولة تهجير أهالي القرى اللبنانية الرافضة لبقائه، في المقابل تُفيد أوساط الجيش السوري أن القصف يأتي ردّاً على العمليات العسكرية التي يُنفّذها مسلّحون مجهولون ينطلقون من الأراضي اللبنانية. وفي هذا السياق، أفاد وزير الداخلية اللبناني مروان شربل، خلال اتصال مع “الشرق”، أن الجيش اللبناني يقوم بواجبه على الحدود، مشيراً إلى إطلاق النار الذي تعرّضت له دورية من الجيش اللبناني من جهة مجهولة قبل أن ترد على مصادر النيران. وحول انتشار الجيش على طول الحدود اللبنانية، أشار شربل إلى أنّ ذلك القرار يعود إلى الحكومة وحدها، أما عن القصف الذي تتعرض له المناطق اللبنانية، فردّ أن الجيش اللبناني يقوم بمهامه، لافتاً إلى أن الجانب السوري يعتبر أن هناك مسلّحين يطلقون النار عليه من الأراضي اللبنانية. وبالعودة إلى حصيلة القصف السوري للقرى اللبنانية الحدودية، أسفرت الأيام الماضية عن سقوط شهيدٍ وعددٍ من الجرحى، كما سقطت قذيفتين سوريتين فجراً في خراج بلدتي الدوسة والكويشرة، أسفرت إحداها عن إصابة المواطن اللبناني خضر ناجي بشظية في عينه نتيجة إصابة منزله بقصف مدفعي. كذلك تشهد المنطقة حركة نزوح واسعة من المنازل القريبة من الحدود اللبنانية السورية إلى المناطق الداخلية باعتبارها أكثر أماناً خوفاً على حياتهم. وفي السياق نفسه، نُقِلَ ثلاثة أطفال جرحى إلى مستشفى بعلبك الحكومي جرّاء إصابتهم بجروح نتيجة تهديم منزلهم في بلدة طفيل اللبنانية الحدودية التي تقع في تخوم السلسلة الشرقية، إثر اشتباكات بين الجيش السوري وعناصر من الجيش السوري الحر. والجرحى هم: أحمد شاهين (مواليد 2001)، محمد شاهين (مواليد 2007)، وشقيقتهما تسنيم (مواليد 2009)، وأُصيب الثلاثة في الرأس نتيجة تساقط حطام المنزل على رؤوسهم. وخلال اتصال مع والد الأطفال الجرحى منصور شاهين، قال “بدأ تبادل إطلاق النار ليلاً، فأصيب منزلي بقذيفة دبابة إصابة مباشرة عند الساعة الحادية عشرة والثلث، ما أدى إلى تهديمه، وإصابة أطفالي الثلاثة الذين غطاهم الركام”. وذكر شاهين أنه تولّى نقلهم على جرار زراعي عن طريق الوعر في المنطقة الجردية عبر حام ومعربون، لافتاً إلى أن وصولهم إلى المستشفى استغرق أربع ساعات ونصف، مطالباً المعنيين في الدولة اللبنانية والجيش اللبناني تفقد أبناء البلدة والإطلاع على أوضاعهم واحتياجاتهم، كما أصيب أيضاً، منزل لبناني آخر في البلدة يملكه المواطن بدر دقو. بموازاة ذلك، علمت “الشرق” أن أهالي القرى الواقعة على الحدود اللبنانية السورية تترقّب تنفيذ خطة انتشار الجيش كاملة على الحدود، آملين أن تخفف هذه الخطوة الخروقات السورية على قراهم.