تباينت آراء عدد من كتاب الأدب في المملكة العربية السعودية حول تأثير تزايد اهتمام الكتّاب بموقعي التواصل الاجتماعي “فيسبوك” و”تويتر”. فبينما رأى بعض منهم أن للموقعين أثرا إيجابيا في تحفيز الكتاب لمواصلة الكتابة، بعد التفاعل مع ما يطرحونه من كتابات ونصوص وتأملات، أوضح آخرون أن الإدمان على المشاركة في الموقعين يشكل خطراً على موهبة الكاتب، فيما اعتبر البعض أنه لا يوجد أثر كبير سلبي أو إيجابي على الكتابة. حافز المواصلة فهد الخليوي القاص فهد الخليوي يجيب بالقول: “أنا موجود في “فيسبوك”، واعتبره نافذة لحرية أكثر للمبدع، ومنبرا لمن لا منبر له. ومن واقع تجربتي، التي بدأت معه منذ فترة طويلة، فإنني أرى أنه وسيلة لصالح الكلمة وحرية الكلمة”. وأضاف “أصبح (فيسبوك) صحيفة لكل فرد. باعتبار أنك تستطيع أن تنشر فيه كل كتاباتك. لقد توارى الرقيب معه وانتهى بوجوده القلم الأحمر”. وتابع “وجودي في “فيسبوك”، وتفاعل الأصدقاء مع ما أطرحه من كتابات ونصوص وتأملات، أوجد لدي حافزا كبيرا لمواصلة الكتابة، ودفعة معنوية هائلة للاستمرار رغم كل العوائق التي تعترض طريق الكاتب الحر، ولكننا نتخطاها بفضل هذا العالم الافتراضي الرائع”. وأوضح الخليوي، بصفة عامة، أن مواقع التواصل هذه هي بمثابة الفضاء الحر الذي يلجأ إليه المثقف للتعبير عن رأيه بكل حرية، مشيراً إلى أنه لم يعد بالإمكان “انتقاء ما نريد، ولا حجب ما لا نريد”، فالفضاء الإلكتروني “أحال العالم، بصدق، إلى قرية وتجمعات عولمية متلاصقة ومترابطة”. وقال الخليوي في ختام حديثه “على العموم، فإن مواقع التواصل الاجتماعي تشبه المدن. مدينة تشعر بأنسها وحميميتها، ومدينة أخرى تجلب لك الوحشة والسأم”. خطر الإدمان صلاح القرشي أما الروائي صلاح القرشي فقال إن “سبب جلوسي إلى “تويتر” و”فيسبوك” هو “الفضاوة” التامة. لا قضية لدي، ولا أسعى لنشر أي فكرة أو الدفاع عن أي فكرة. “الفضاوة” والتسلية والكسل، ولاشيء أكثر من ذلك”. وأكد القرشي أن “الجلوس الطويل إلى “تويتر” و”الفيس” هو مضيعة للوقت، فقراءة كتاب، أو مشاهدة فيلم، أو مجرد التأمل أفضل كثيرا. لكن الأمر يتحول إلى ما يشبه الإدمان”. وعن تأثير إدمان مواقع التواصل وقضاء وقت طويل فيها على من يمتلك هاجس الكتابة الإبداعية، قال القرشي إن “تويتر” و”فيسبوك” تحديداً، “يشكلان خطرا كبيرا على موهبته”. حائط عرض مسفر الغامدي من جانبه، بين الشاعر مسفر الغامدي أنه يكتفي حتى هذه اللحظة ب”فيسبوك”، “ولم أستطع حتى اللحظة، أن أتجاوزه إلى “تويتر”. تويتر أكثر إيقاعا وصخبا مما أحتمل أو أكتب. أعتبر “فيسبوك” حائطا أعلق عليه ما أكتبه في الصحافة الورقية بالدرجة الأولى. قد أعلق أغنية أو صورة، وقد أتفاعل مع موضوع يطرحه أحد الأصدقاء، وقد أنقل مقالا أعجبني، لكنني أشعر أن كل ذلك لم يرفعني بعد من الأرض إلى السماء”، مشيراً إلى أنه ما زال يشعر أنه بين الكتب، وأمام الأوراق، “لذلك لا أعتقد أن الإيقاع السريع والصاخب، لهذه المواقع، قد أثر كثيرا في طريقة الكتابة لدي”. وأشار الغامدي إلى أن الكتابة في مواقع التواصل الاجتماعي “أوصلتنا إلى ما بعد الدولة. رأينا ذلك في تداعياتها على أكثر من دولة في محيطنا العربي. وربما هي في طريقها لأن توصلنا إلى ما بعد الثقافة والأدب”، لافتاً إلى أنها قادرة على “تفكيك الخطاب الثقافي والأدبي، وتحويله من خطاب مغلق ومنزو، إلى خطاب يمكن تداوله، ويمكن التعويل عليه في عملية التغيير. الخوف فقط هو في انزلاق الثقافة عموما إلى نوع من الشرح والتبرير. أن نكف عن إنتاج الثقافة والإبداع، ونتحول إلى شراح ومسوقين للفكر والإبداع”.