أمر يدعو للدهشة أن يصر كوفي عنان، ومن إيران، أن إيران هي «المفتاح الذهبي» لوقف المجازر في سوريا. ولم يقل لنا عنان لماذا إيران تحديداً. هل لأن عناصر إيرانية موجودة على الأرض السورية، دعماً لنظام الأسد، تقتل وتعذب كل ضابط أو عسكري يرفض أوامر قتل المدنيين من المعارضة؟ أم لأن حزب الله، برعاية إيرانية، شريك في جرائم الأسد وبالتالي يكون الحل في طهران؟ موقف كوفي عنان الغامض يعيدنا إلى أسئلة وزير خارجية الإمارات العربية المتحدة الأسبوع الماضي، خلال مؤتمر أصدقاء سوريا في باريس، عن غياب عنان المشبوه عن المؤتمر وهو من صميم مسؤولياته. ولعل الشيخ عبدالله بن زايد لم يسأل أسئلته تلك، بألم وإلحاح، لولا الإحباط -وربما الشكوك في دور عنان أو تواطئه. آلة الموت الأسدية تواصل زحفها على المدن والأرياف السورية. والمئة قتيل، وأكثر، يومياً أصبح خبراً يومياً مألوفاً لم يعد يستفز الضمير العالمي. وبشار الأسد يواصل -بكل وقاحة عناده وتحديه للمجتمع الدولي مراهناً فقط على الحل الأمني لقمع غالبية الشعب السوري التي ترفضه ويصر على البقاء في السلطة مهما يكن الثمن. ومع ذلك يأتي عنان، من إيران، منادياً بأن الحل في طهران. إذن فلتكف إيران يدها عن الشأن العربي وتنشغل بقضاياها واقتصادها المنهار. ولو كان كوفي عنان محايداً فعلاً لأدان إيران، من إيران نفسها، على دعمها المخجل لنظام دموي عنصري لم يعد يعنيه احتجاج العالم كله على مسلسل القتل الذي أدمنه. ولو كان كوفي عنان واعياً بقرب نهاية الأسد -كأي ديكتاتور لا يعي أن جرائمه باتت مكشوفة للعالم- لما أعطاه مزيداً من التسويف والوقت كي يستمر في جرائمه ضد المدنيين السوريين الأبرياء. عنان يلعب اليوم دوراً يثير الشبهات ويبرر أسئلة حادة تجاه دوره كتلك التي أطلقها قبل أسبوع وزير خارجية الإمارات. وإن لم يكن كوفي عنان قادراً على إعلان فشل مهمته فلعل جامعة الدول العربية تخلي عاجلاً مسؤوليتها عنه وتسحب غطاءها عنه… وذلك أضعف الإيمان.