فيلم 2012 فيلم خيال علمي إنتاج أمريكي، بحسب موسوعة ويكيبيديا، وهو من إخراج رولان إيميريش، وبطولة جون كوزاك وأماندا بيت، بدأ تصويره في فانكوفر أغسطس 2008 وتم عرضه في نوفمبر 2009. تدور أحداث الفيلم حول تنبؤات كارثية لنهاية العالم، فيما يكافح الناجون من أجل حياتهم. الفيلم مستوحى من عدة فرضيات تقترح أن شعب المايا كان قد تنبأ بأن يوم الهلاك سوف يحل عام 2012، كما يرد ما يدعم هذا الافتراض من المعتقد القائل أن هذا العام هو نهاية دورة التاريخ حسب التقويم القديم لأمريكا الوسطى. صدف أن إحدى القنوات الفضائية عرضت هذا الفيلم مساء الإثنين المنصرم، فكانت المرة الأولى التي أشاهده فيها. وقد جاء كل ما في الفيلم منسجماً مع الإنتاج السينمائي الأمريكي، إذ يبدو أن شركة كولومبيا بيكتشرز قد أنفقت الكثير ليخرج الفيلم بهذا الشكل المبهر، فالإبهار والمبالغة صناعة أمريكية ولاسيما في مجالي الإعلام والسينما، إلا أن الفيلم يبدو وكأنه موجه لعدة غايات ليست نهاية العالم إلا واحدة منها، إذ يرد في الفيلم الكثير من المشاهد التي ترسل الإشارات الواحدة تلو الأخرى عن طبيعة الثقافة الأمريكية وعلاقتها ببقية ثقافات الشعوب، وعن تصور الأمريكيين لثقافتهم الوطنية، وهي في المحصلة لن تكون إلا دليلا على أن العقلية البربرية الأمريكية هي التي ستساهم بقدر وافر في نهاية هذا العالم. فيما يخص ما يتصوره الأمريكيون عن ثقافتهم نجد عدداً من المؤشرات والتي من أهمها أن نهاية العالم ما هي إلا نهاية الولاياتالمتحدةالأمريكية، فالفيلم يجعل منها محور هذه الأرض، وبسقوط أمريكا وزوالها يزول العالم، كما أن من المؤشرات ما يدل على أن الذهنية الأمريكية تتوقع أن ما ستفعله هي لإنقاذ العالم هو ما سيراهن عليه الآخرون أياً كانوا، إذ إن العالم عاجز في مواجهة الكوارث الطبيعية أو الكونية أو حتى أي غزو خارجي من الفضاء، وهي الفكرة التي تكررت كثيراً في أفلام أمريكية تلعب فيها الولاياتالمتحدة دور المنقذ الوحيد لكوكب الأرض، وكأنها تعتمد على جعل السينما أداة تطهير للضمير الأمريكي الجمعي الذي يعي تماماً أنه في الواقع يدمر الأرض من خلال ما تقوم به جيوشه في بقاع كثيرة من العالم، حيث دمرت أمريكا العديد من الثقافات في سبيل تحقيق أطماعها، وهي بتلك الذهنية التدميرية تعيد تمثيل الطريقة التي قامت بها الولاياتالمتحدةالأمريكية على أرض الهنود الحمر بعد أن أبادتهم جميعا. أما فيما يخص علاقة الثقافة الأمريكية بالآخر كما يظهرها الفيلم فيمكن قراءتها من خلال عدد من المؤشرات، من أبرزها شخصية الملياردير الروسي الذي يفر من النهاية الكارثية بطائرته التي يتولى قيادتها طياران أمريكيان، كما سبق للفيلم في بداياته أن صور الملياردير الروسي حاضراً لمباراة ملاكمة لابنه ضد ملاكم أمريكي، حيث قال الروسي لابنه: «نحن ثقافة لا يمكن أن تسقط مهما تلقت من الضربات»، لتبدأ الجولة الأولى وليسقط الملاكم الروسي من الضربة الأولى. إلا أنني توقفتُ كثيراً أمام موقف أحد مساعدي الرئيس الأمريكي عندما رفض أخذ والدته للسفن الفضائية المصممة لخلاص «النخب» من المجتمع الأمريكي والذين يراد منهم إعادة إعمار العالم بعد انهياره، فقد رفض أخذ والدته لأنها في التاسعة والثمانين من عمرها، وهي بالتالي لن تكون مفيدة للمرحلة القادمة. ولعلي هنا أقول لمن يرى في مثل هذا الموقف مبالغة: ارجع إلى كتاب «الأساطير المؤسسة لدولة إسرائيل» لروجيه جارودي – رحمه الله -، ففيه يورد ما فعله اليهود من إحراق للعاجزين والشيوخ من أجل تضخيم أكاذيب الهولوكوست، وأيضاً لأنهم لن يكونوا مفيدين للدولة اليهودية في طور تأسيسها، لتعلم حقيقة ما بين الذهنيتين الأمريكية واليهودية من تطابق. أيضاً، بث الفيلم عدة قيم أمريكية كان من أهمها أن إنقاذ النخب الأمريكية هو الضامن الوحيد لاستمرار العالم، وكانت خطة الإنقاذ تعتمد على عدم إخبار المواطنين الأمريكيين العاديين بقرب حدوث الكارثة لضمان عدم حدوث الفوضى أو اعتراض طريق خلاص النخبة، وهنا أقول مرة أخرى لمن يرى في هذا الفعل مبالغة: ارجع لمقالاتي هنا في «الشرق» عن ذهنية الإبادة الأمريكية؛ وطالع كيف استخدمت الإدارة الأمريكية مواطنيها من الرهائن في السفارة الأمريكية بطهران عام 79 من القرن الميلادي الماضي لتعرف أن حقيقة الثقافة الأمريكية قائمة على النفعية المطلقة في مواجهة الثقافات الأخرى، كما أنها نفعية ضد مواطنيها بدرجة امتياز عندما يحتكرها «النخب» من الساسة ومافيا المال. وهؤلاء هم من يوجه الرأي العام العالمي ويصنع أساطيره ويفتعل الحروب. وأخيراً، إن فيلم «2012» صناعة أمريكية بامتياز لتؤكد أن مستقبل العالم سيكون غاية في البربرية ما دامت أمريكا هي الدولة العظمى التي تقوده إلى الهاوية بوعي تدميري كامل.