في الأسبوع الأخير من الشهر الماضي، حللت ضيفاً على برنامج 30 دقيقة الذي تقدّمه قناة الحرّة لمناقشة إسقاط النظام السوري للطائرة التركية ودور روسيا في دعم النظام السوري. وقد لفتني موقف الخبيرة الروسية إلينا سوبونينا مديرة قسم آسيا والشرق الأوسط في المعهد الروسي للدراسات الاستراتيجية، التي حلت ضيفة أيضا لتتحدث عن دور موسكو في الملف السوري. فقد نفت الخبيرة أولا دعم روسيا للنظام السوري من جهة، وأكدت وقوف روسيا مع الشعب السوري من جهة ثانية، ودعت إلى عدم التدخل الخارجي في سوريا من جهة ثالثة! مصدر التعجب هنا لا ينبع من الجمع بين الشيء وضده فقد كانت موسكو تتدخل في الشأن السوري وتحدد السياسات والأجندات والمبادرات والتفصيلات المتعلقة بها بخصوص سوريا ومن ثم تطلب من الآن عدم التدخل، ولا تأتي فقط من وقاحة الادعاء بأن روسيا لا تدعم النظام السوري أيضا، وإنما من القول أنّ روسيا تدعم الشعب السوري وما يراه الشعب السوري في الوقت الذي تساهم روسيا على الأرض فعليا بذبح هذا الشعب. فقد نشرت مجلة فورين بوليسي بالتزامن تقريراً عن الأسلحة الروسية المقدمة للنظام السوري مدعّمة بصور التقطها الثوّار السوريون داخل سوريا لهذه الأسلحة والمعدات التي تستخدم في قتل المدنيين. وقد شملت الأسلحة الروسية التي يستخدمها النظام السوري، طائرات هليكوبتر هجومية من نوع (ام-آي 25)، كما شملت الأسلحة مدافع هاون وقذائف مدفعية وهي من الأسلحة التي توقع عادة عدداً كبيراً من المدنيين إذا ما تم استخدامها في مناطق مأهولة كما يفعل النظام السوري لاسيما مدافع 240 ملم وهي الأثقل في العالم وتتسبب بخسائر فادحة في الأرواح، وتم استخدامها بكثافة في حمص. وينقل التقرير قيام النظام السوري مؤخراً بالطلب من موسكو تحديث دبابات سورية طراز (تي-72) تم تسليم 800 منها وفقا لعقد حديث، ومائتي دبابة أخرى سيتم إرسالها لاحقا. وقد استخدم النظام السوري هذا النوع من الدبابات في دوما وأيضا في ريف دمشق. ومن الأسلحة الروسية المستخدمة أيضا في سوريا ضد المدنيين ألغام أرضية مضادة للأفراد وللآليات تم زرع معظمها على الحدود مع لبنان وأخرى على الحدود مع تركيا، ناهيك طبعاً عن الأسلحة الرشاشة نوع كلاشينكوف، ثم بعد هذا يأتي وزير الخارجية الروسية بوقاحة غير مسبوقة ليقول إنّ “النظام السوري لا يستخدم الأسلحة الروسية ضد المدنيين أو تلك التي تساعد على توسيع رقعة النزاع، فكل ما نورده هي أسلحة ضرورية لضمان حماية الأمن القومي”! على أي حال، استخدام النظام السوري هذه الأسلحة ضد المدنيين ولاسيما الطائرات ومدافع الهاون والقذائف والصواريخ هي مؤشر فعلي على فقدانه السيطرة على الأرض في مواجهة الجيش الحر، وليس العكس.