وأخيرا صدر نظام الرهن العقاري يوم أمس، وهو النظام الذي طال انتظاره كثيرا، وتم تناقله بين الوزارات ومجلس الشورى، حتى وصل أمس إلى مجلس الوزراء الذي أقره، وبذلك نكون قد تجاوزنا مرحلة ترقب صدور النظام إلى معايشة النظام. ودخلت السوق السعودية أمس مرحلة تاريخية ومنعطفا في غاية الأهمية من خلال تأسيس الحكومة لقطاع مالي جديد، وذلك ضمن التطوير الاقتصادي الذي تنفذه حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، حيث ستساعد هذه الأنظمة بعد بدء تطبيقها في إيجاد آليات منظمة لتمويل الإسكان في المملكة بأسلوب يحفظ حقوق جميع الأطراف ومن شأنه أن يحد من تكلفة التمويل العقاري، من خلال التسهيلات التي ستوفرها هذه الأنظمة للمواطنين للحصول على تمويل متوافق مع الشريعة الإسلامية. ومن الواضح أن الحكومة لم تصدر نظام الرهن العقاري إلا بعد أن تأكدت من توفر كافة الظروف الاقتصادية لخلق قطاع مالي قادر على مواجهة التحديات السكانية والاستثمارية، وذلك من خلال حرصها على أن يكون مثل هذا المشروع متكاملا، حيث يضم مشروعات التمويل العقاري، ونظام مراقبة شركات التمويل، ونظام الإيجار التمويلي، ونظام الرهن العقاري المسجل، بالإضافة إلى نظام قضاء التنفيذ، كما أن الحكومة من خلال توزيع المهام بين الجهات الحكومية، تؤكد حرصها على مصلحة الوطن والمواطن وجعل السوق السعودي بكافة مكوناته جاذبا للاستثمارات، ومحفزا على تحريك رؤوس الأموال المحلية، حيث ستضطلع وزارة المالية بإعداد السياسات العامة للتمويل بالاتفاق مع وزارة الإسكان، وستضطلع مؤسسة النقد العربي السعودي باتخاذ عدد من الخطوات المهمة ومنها إصدار اللوائح التنفيذية للنظام، إلى جانب قيام صندوق التنمية العقارية بدور الداعم الحكومي للنظام وذلك من خلال تخصيص جزء من ميزانيته كضمانات ومعونات لدعم التمويل العقاري لمستحقي الدعم، كما أن وزارة التجارة والصناعة ستكون معنية باستكمال وثائق تأسيس شركات التمويل العقاري، وإنشاء وزارة العدل وكالةً مختصة للتنفيذ تعنى بالشؤون الإدارية والمالية وتتولى إصدار التراخيص لمقدمي خدمات التنفيذ، إلى جانب الاستعانة بالقطاع الخاص للتقييم، وهذه الأمور تؤكد أن هنالك منظومة متكاملة من العمل لخلق سوق واعد. ومما لا شك فيه أن الحكومة السعودية تسعى من خلال إقرار هذا النظام إلى خلق قطاع مستدام قادر على توفير السكن للمواطنين لجذب رؤوس الأموال والمساهمة في تحريك الدورة الاقتصادية.