في طريقه إلى المطار، وعند البوابة الرئيسية، وجد نفسَهُ قبالة أكبر لوحة دعائية: «صَدّقني راح تشتاق لي كثير..!». لم يجد أمامه إلا أن يتفقد أغراضه -واهماً-السفر، فأفاق بعد أن نادى عليه الراكب: «أنزلني هنا لو سمحت»! عاد أدراجه ليستقبل أُخرى موازية للوحة السابقة في الشارع المتّجه للمدينة، بحروف صغيرة تضاءلت وغابت أمام «خيشة رزّ» ضخمة في اللوحة نفسها: «أكيد… اشتقت لي»! نسي مصمّم الإعلان أنّ إعلانه قد يأتي بنتائج عكسية؛ إذ ليس كل متّجه للمطار مسافراً، وإن كان فلا يُشترط أن تكون الرحلة خارجية يعدم فيها المسافر متعة «الكبسة»… لذا ربما كره السائق -وهو من أصابه الملل- من نفس المكان «الرّز» و«ريحته»! لم يحكم لنا الزمان بالسفر للخارج لننقل مشاهداتنا… حتى «الرّز» سخِر منا ومن عدم مقدرتنا على السفر في «الرُّوحة» و«الجيّة»! لِمَ الحُزن؟ فلدينا من البرامج هنا «في الداخل» ما يغنينا عن السفر! لديك الملتقى الصيفي بجميع صِيغ التفضيل: صيفُنا… أحلى أو أجمل أو أمتع إلا «أبرد» و«أنفع»! وبرامج من شاكلة: تعرّف على تركيب «الروبوت»؟ المستورد من الخارج طبعا! وبرنامج «شاهد المجرّات الفلكية « (بمنظار خاص) طول الصيف؛ في حين أنك تحاول أن تنسى كل ما يتعلّق بالكواكب وبسخونة الشّمس! وفعالية «أطلق الطفشان داخلك»! أطلقه بأي وسيلة ولو أن تنخرط في مهرجان دعوي تتحمس فيه «لحظيّا» فتكسر كل ما في حوزتك من آلات موسيقية كعُود، أو كمنجة… لتخفّف من «الحرّةً اللي انت فيها».. ولا بأس بأن تقذف «بكتات» الدخّان أرضا -مُؤقّتاً- أمام الحضور… لتستلف أخرى وأنت في طريق الخروج.. وساعتها ستتصدّر الصفحات الأولى للصحف تحت عنوان: «توبة عازف»! ينتهي الصيف ويبدأ الشتاء.. وتمرّ بالمطار يوماً، فتعود لنفس لوحة «الرز» تُخاطبُك: «أكيد… اشتقت لي؟!»… «هُوّا أنا فارقتك أصلاً»؟!