أثناء الحرب على العراق في عام 2003، أخرج لنا محمد سعيد الصحاف – وزير الإعلام العراقي السابق – من معاجم العرب مفردات جار عليها الزمن وباتت غريبة على عامة الشعب فكلمة « علوج» التي لم يكن لها أن تخرج من معجم الكلمات لولا وصف الصحاف للقوات الغربية بها، باتت في تلك الفترة صفة يتداولها الصغير قبل الكبير في حياتهم اليومية حتى أن الكثير عاد إلى المعاجم التي أصابها التلف من قلة الاقتراب، فقط لكي يعرف معناها ليحاول أن يتلقى رسائل الصحاف المتكررة في تصريحاته الصحفية. بل تجاوزت هذه الكلمة حدود عالمنا العربي وتناقل كل متابع لأحوال الحرب في العالم هذه الصفة التي اقترنت بالصحاف وبات العالم يقترب من اللغة العربية رغبةً منه بمحاولة فهم كلام الصحاف. واليوم، في زمن الثورات العربية يطرح في الشارع العربي تعابير جديدة لم يكن لها أن ترى النور خارج عالم الساسة فمنذ امتعاض الجامعة العربية بشهر أكتوبر من العام الفائت لاستمرار العنف في سوريا وامتعاض الحكومة السورية من امتعاض الجامعة العربية، باتت سياسة الامتعاض متبعة من قبل كل معارض على أي أمر لا قوة له على تغيرها. فقد أبلغني صديق قبل أيام عن تفاجئه من امتعاض ابنه الذي لم يتجاوز العشرة أعوام من عمره عندما أبلغه بعدم قضاء الإجازة في الخارج كما اعتادوا في الأعوام السابقة وقد عبر ابنه الصغير عن امتعاضه بكل صراحة بقوله «أنا ممتعض». لم ألاحظ حينها مدى تأثر الشارع العربي بعالم الساسة حتى جاءني اليوم اتصال من صديق آخر اعتدنا أن نخرج سوياً إلى البحر مع أصدقائنا ليبلغني بأنه ينأى بنفسه هذا الأسبوع عن مشاركتنا بالتنزه معللاً السبب بانشغاله مع أسرته. الأمر الذي أعادني بالذاكرة للوراء وأذكر أن سياسة النأي بالنفس لم يتداولها العامة قبل أن يتعلموها من الحكومة اللبنانية التي اتخذتها كنهج سياسي من الأحداث في سوريا. لأدرك حينها أن الشارع بقدر تأثر مشاعره بالأحداث خيرها وشرها يتأثر بتصريحات السياسيين ويستنبط التعابير ليستخدمها في الحياة اليومية بعيداً عن الثورات.