رافق جمهور مهرجان بيت الدين اللبناني، مساء الخميس، فرقة كركلا في رحلة مسرحية راقصة بعنوان “كان يا ما كان”، الحافلة بمشربيات “ألف ليلة وليلة”، وقصة شهريارها بأفراحها ومآسيها، إلى بيوت القرميد وأجواء التراث اللبناني، مروراً بمناخات الشرق، ديكوراً، وأزياء، وموسيقى. وأتى العرض في افتتاح المهرجان، تميز بضخامة مشهدية، وبفخامة صوتية أضفاها الاعتماد للمرة الأولى على عزف حي قدمته الأوركسترا الفيلهارمونية اللبنانية التي تمركز عازفوها تحت خشبة المسرح. “كان يا ما كان” مسرحية راقصة من ثلاثة فصول، تضم ثمانين راقصاً، استوحاها مخرجها إيفان كركلا من قصر بيت الدين، وأنجزت خصيصاً لافتتاح المهرجان الذي يقام في باحته. وحاك كركلا قصص المسرحية انطلاقاً من تقاليد الشرق والقصور، فيما وضعت الكوريغرافيا أليسار كركلا التي برعت في رسم الخطوات وحركات راقصيها، بما يعبر عن أجواء القصص التي تضمنتها المسرحية. ولا يعتمد عمل مسرح كركلا هذه المرة على الحوارات الكلامية، بل يفسح المجال لحوار تفاعلي بين العازفين والراقصين، فاندمجت الأجساد اللينة والمتحركة بالموسيقى الحية للأوركسترا بقيادة هاروت فازليان. وقالت أليسار كركلا لوكالة فرانس برس “كان الرقص على أنغام الموسيقى الحية تحدياً نخوضه للمرة الأولى”. وأضافت “إنها تجربة مميزة في مسرحنا”. ينطلق الفصل الأول من العمل على موسيقى رمسكي كورساكوف، ويتحول قصر الأمير بشير الثاني إلى قصر ألف ليلة وليلة، حيث يتوج شهريار ملكا، وتأتي الوفود المهنئة، ونرى ذلك في تنوع أساليب الرقصات. لكن الفرح سرعان ما ينقلب إلى حزن، ولعل أجمل المشاهد مقتل الأميرة واندلاع النار في القصر في أجواء شكسبيرية، حيث الجنون والفانتازيا والحب والموت. ويفتتح الفصل الثاني بسينوغرافيا، حيث ترفع تنورة واسعة وضخمة تخبىء الراقصين، وإلى السوق حيث باعة السجاد والأقمشة على جانبي الخشبة، والناس على الشرفات، ويتسابق الأغنياء على شراء النساء، على أنغام موسيقى بوليرو لرافيل مطعمة بآلات شرقية. وفي الفصل الثالث، يعيدنا كركلا إلى التراث اللبناني مع ثلاثة مطربين طبعوا المسرح اللبناني هم جوزف عازار، وهدى حداد، وإيلي شويري، وينضم إليهم المغني الشاب سيمون عبيد. وهذا الفصل تحية إلى لبنان، وبيت الدين تحديداً، وفيه لوحات من الرقص الفولكوري والدبكة، قادها عميد الفرقة عمر كركلا. وأطل الممثل والمخرج برج فازليان، وكذلك الممثلان رفعت طربيه، وغبريال يمين، وفي أدوار صغيرة خلال فصول المسرحية. “كان يا ما كان” عمل أوبرالي بضخامته وموسيقاه ولوحاته الراقصة ومؤثراته البصرية، وأزيائه الباهرة بألوانها وأقمشتها وتطريزها، والتي صممها مؤسس الفرقة عبد الحليم كركلا. واستخدم إيفان كركلا الستائر البيضاء شاشات لعرض المؤثرات البصرية خلال الفصول الثلاثة، فظهرت عليها في الفصل الأول المشربيات ومشاهد فيديو مكملة للقصة، وفي الفصل الثاني أسقطت عليها لوحات المستشرقين، أما في القسم الثالث، فأضفت صور بيوت القرميد بعداً ثلاثياً على الخشبة. ووضع الديكور الذي ينسجم مع القصة والمكان الإيطالي لويجي ماركيوني، في حين أن السينوغرافيا الافتراضية من توقيع سيرجيو ميتالي. فرقة كركلا في افتتاح مهرجان “بيت الدين” أ ف ب | بيت الدين