أتت حادثة إسقاط الطائرة التركية وإعطاء حزب العمال الكردستاني دورا في شمال سوريا حيث أوكل لعناصر هذا الحزب التصرف والتحرك بشكل علني ومسلح في تلك المناطق، كمحاولة يائسة من قبل الأسد لجر تركيا إلى حرب إقليمية ومحاولة لخلط الأوراق وتحويل أزمته الداخلية إلى حرب إقليمية يكون لحلفائه في إيران دور فيها خاصة أن زعماء طهران أعلنوا مرارا أنهم يدعمون الأسد في حربه ضد العصابات المسلحة التي تدعمها دول عربية، ويستعرض قادتها العسكريون قواهم عبر تصريحات ساخنة بين الحين والآخر، وفي نفس الوقت يحاول الأسد تصعيد عملياته العسكرية ضد مدينة حمص وهي محاولة لتحقيق نصر على عاصمة الثورة السورية ولو كان الثمن تدمير المدينة فوق رؤوس سكانها. وتأتي هذه المحاولات بعد تصاعد أعمال القتل واتساع ساحات المعارك في سوريا لتصل إلى محيط دمشق وإلى عقر دار الأسد، فمواقع الحرس الجمهوري باتت مهددة، وحادث استهداف القناة الإخبارية السورية أمس له مغزى مهم، هو أن الجيش الحر بات يخترق صفوف وحدات النخبة والحرس الجمهوري، الذي كان قادة الأسد العسكريون يعتقدون أنها كتلة صماء غير قابلة للاختراق، مما اضطر رأس النظام (بشار الأسد) ولأول مرة إلى القول إنه في «حالة حرب حقيقية وبكل ما تعني هذه الكلمة من معنى»، بعد أن كان يصر في خطاباته السابقة على أن المواجهة هي مع عصابات تعكر صفو أمن البلاد، وهو ما أعلنه قادته الأمنيون وأجهزة إعلامه أكثر من مرة مؤكدين أن الأحداث انتهت. وجاء استخدام الأسد لسلاح الطيران على نطاق واسع ليؤكد أن مناطق واسعة من سوريا أصبحت خارج سيطرته في محافظات سورية عدة، وأتت زيارة رئيس المجلس الوطني السوري السابق برهان غليون لتؤكد ذلك وحيث أصبح من الممكن أن تعود بعض قيادات الثورة في الخارج إلى أراضٍ سوريةٍ محررةٍ، هذه التطورات التي تسارعت خلال الشهر الأخير، تنذر بخطورة ما يفكر فيه الأسد بعد أن بات في وضع صعب وقواته تواجه التفكك المحتوم، ففي الوقت الذي ما زال المجتمع الدولي عاجزا عن تقديم أي حل ينهي الأزمة السورية ويجنب المنطقة حربا ما، يعتقد الأسد أن خلاصه في إشعال هذه الحرب والمنطقة برمتها.