الرياض – نعيم تميم الحكيم من يُعتق من القصاص لا يعيش أكثر من خمس سنوات حتى لو كان شاباً توجُّه للتوسع في إدخال معاني العفو ونبذ الثأر في المناهج ووسائل الإعلام خادم الحرمين يطالبنا بعدم السعي إلا لوجه الله والبعد عن قضايا المزايدات نسبة العفو بين المناطق تتفاوت وبعض القبائل ترى أن الصفح عيب من يأخذ العوض لا يُبارك له فيه.. وأطالب وزير الإعلام بعدم عرض مسلسلات العنف كشف المستشار الخاص للأمير تركي بن عبدالله بن عبدالعزيز، المسؤول عن ملف الدماء الدكتور علي المالكي، عن توجه نحو إنشاء جمعية لغرض عتق الرقاب تحمل اسم خادم الحرمين الشريفين، مبيناً أن الموضوع قيد الدراسة. وأفاد المالكي في حوار مع «الشرق» أن هناك معايير لدخول المسؤولين عن ملف الدماء في القضايا التي تدرس قبل الدخول فيها، موضحاً أنهم لا يمكن أن يدخلوا في قضايا الأعراض والمخدرات وينحصر عملهم في القضايا التي لا تحمل شبهة. وشدد المالكي على أن خادم الحرمين نبّه عليهم بعدم الدخول في القضايا التي تحصل فيها مزيدات مالية ولا يكون العتق والعفو إلا فيمن يريد العفو لوجه الله. وأكد المالكي على أن مشروع خادم الحرمين لعتق الرقاب مشروع صحي للغاية، ينبذ الانتقام وتبادل الثأر، وحصلت فيه تنازلات كثيرة وصلت لسبعين تنازلاً خلال الأعوام الماضية. وكشف المالكي عن تمكنهم من إسقاط بعض أحكام القصاص لوجود ثغرات وعدم استيفائها جميع الشروط، مشدداً على أن إسقاط الأحكام جاء بعد دراسة وتمحيص كبيرين، مبيناً أنهم استطاعوا إعادة التحقيق من جديد في أكثر من قضية. وأبان أن مشروع خادم الحرمين الشريفين لعتق الرقاب رفع نسبة الوعي في المجتمع بأهمية العفو، مشيراً إلى أن نسبة العفو بين القبائل تتفاوت من منطقة لأخرى، ولفت المالكي إلى أن من يأخذ العوض المالي لا يبارك الله له فيه، ولاحظ مسؤول ملف الدماء من خلال تجارب عديدة أن من يُعتق من القصاص لا يعيش أكثر من خمس سنوات حتى لو كان شاباً في مقتبل العمر. فإلى تفاصيل الحوار: * بداية حدثنا عن بادرة الملك عبدالله في الشفاعة والعفو؟ - ليس مستغرباً من ولاة أمر هذه البلاد الطاهرة ما يقومون به من شفاعة لوجه الله لأجل عتق الرقاب، والأمر منوط بالدعاة منذ عهد المؤسس -غفر الله له- ونحن دولة جبلت على تقوى الله وحب إعلاء راية الحق، ومساعدة الضعفاء والتخفيف عن المنكوبين، ومشروع الشفاعة بدأناه مع الأمير تركي بن عبدالله بن عبدالعزيز، وبفضل من الله يسجل نجاحات عريضة ونتائج يشار لها بالبنان. وقد تميزت المملكة بتبنيها مثل هذه المشكلات، وهي مملكة الإنسانية ولاشك أن خادم الحرمين يمثل هذا المشروع الخيري للإصلاح الذي تتم ترجمته عملياً بإنشاء الجمعية العالمية الخيرية للأعمال الإنسانية، والمملكة معروفة بعملها في مجال الإصلاح منذ تأسيسها على يد الملك عبدالعزيز. وقد التحقت بالعمل في إصلاح ذات البين منذ حوالى ست سنوات، كما أعمل مستشاراً خاصاً لصاحب السمو الملكي الأمير تركي بن عبدالله بن عبدالعزيز، وقد تبنيت مع سموه مشروعات الإصلاح سواء داخل المملكة أم خارجها بتوجيهات ومتابعة من خادم الحرمين الشريفين، ولدي في هذا المجال خبرة وباع وهناك شواهد من القصص في مجال الإصلاح، علماً بأننا لا نختص فقط بقضايا القتل، بل نعمل كذلك في مجال الإصلاح بين الأسر والمجموعات والقبائل لنُسهم في إعادة الأمور لمجاريها. أرقام العتق * هل من رقم للرقاب التي تم عتقها منذ بدء المشروع؟ - الموضوع ليس في العدد، فهناك موضوع مهم أن الله منح خادم الحرمين الشريفين هيبة لدى الناس وقبولاً وهذه من المكارم التي خصه الله بها، وهناك قضايا مختلفة، وهناك تنازلات لوجه الله تعالى، وآخرون يتنازلون بمقابل مالي، والقضايا الحقيقية تصل إلى سبعين قضية، وجلها تمر عبر التشريع الإسلامي، وآخر من شرفوا بلقاء خادم الحرمين الشريفين 22 أسرة تنازلاتهم كرامة لخادم الحرمين الشريفين، منهم خمس من جاليات هندية ومصرية وأفغانية وباكستانية، والذين شرفوا بلقاء خادم الحرمين الشريفين بشكل عام حوالى 35 شخصاً. * هل يوجد تفهم كبير من قِبل القبائل والعوائل في قضايا عتق الرقاب؟ - هناك نظرتان الأولى سوداء والأخرى بيضاء، وفي الحقيقة هناك ثقافة جيدة في المجتمع، ووعي كبير ويكبر يوماً بعد سابقه، والمشروع صحي للغاية، ينبذ الانتقام وتبادل الثأر، ولدينا تنازلات كثيرة بفضل من الله ابتغاء لمرضاة الله، ونهدف من خلال المشروع إلى تعليق القلوب ببارئها عبر نبذ الخلافات التي تنحصر في الأراضي والمال، دون تدخل في قضايا العرض والسطو المسلح والمخدرات، والناس أصبحت تفرق بين هذه الأمور، وهذه الكرامات -سبحان الله- من رضا الله على خادم الحرمين الشريفين، فالقبول حاضر، وهي بيعة جديدة لمقامه الفاضل، ففي الدول الأخرى يقتل الرؤساء شعوبهم، وهنا الشعب يفدي قيادته بالأرواح، وفي الحقيقة وصلنا إلى أرقام كبيرة بملايين الريالات، وفي بعض الأحيان لا نتحصل على التنازل ويتم تنفيذ الحكم بالقصاص. معايير دراسة القضايا * ما معايير دخولك هذه القضايا؟ - نحن ندرس القضية قبل الدخول فيها لذلك نبتعد عن قضايا الأعراض والمخدرات، وننحصر في القضايا التي لا تحمل شبهة، بمعنى أن تكون القضية مقبولة شرعاً وبحسب العرف الاجتماعي، وفي الحقيقة لدينا قضاة أكفاء نستنير برأيهم، لأن ثمة قضايا فيها ما فيها من الثغرات، أولاً تكون مستوفية الجوانب، كحد الحرابة، واستطعنا بفضل من الله إسقاط بعض الأحكام بعد دراسة وتمحيص كبيرين، بل تمكنا من إعادة التحقيق من جديد في أكثر من قضية، وكل ذلك بتوجيه من خادم الحرمين، وهذا العدد للحقيقة قليل، وفي كثير من الأحيان نصل للتنازل، وأحياناً نصطدم ببعض المعوقات، ولكن الغالب أن الجميع يريدون وجه الله. * أين تتركز أغلب قضايا العفو؟ - في كل المناطق، ولكن بعض المناطق تكثر فيها الأحداث وعلى سبيل المثال الجنوب فالعدد كبير، وفي الشرق تنازلات قليلة لأنهم يرونها عيباً، أما الشمال فهناك سهولة في التنازل، ونحن من خلال مشروعنا نقدم رسالة للمجتمع ننبه من خلالها المجتمع إلى خطورة القتل والثأر، ولدينا خطط عن طريق الخطب في المساجد والندوات والمحاضرات عن بشاعة القتل، ومن خلال التوعية المتواصلة في المدارس والجامعات والكليات عن خطورة استعمال السلاح الأبيض والأسود أيضاً المتمثل في المسدس والرشاش، بالإضافة لزياراتنا لبعض السجون أيضاً للتوعية، وقد لاحظنا ارتفاع الوعي بين الناس، وهناك خطوة نحو التوسع في تعميق مفاهيم العفو لوجه الله في المناهج. المتاجرة بالدماء * ماذا عن ظاهرة المتاجرة بالدماء وحرصه على محاربتها؟ - خادم الحرمين رجل إنسانية يعلم أن كثيرين من أهل الدم قد لا يملكون هذا المبلغ، وكذلك يحرص على ألا يفتح هذا الباب على مصراعيه، لأنه مع الأسف الشديد هناك من ينسب نفسه لأهل الخير ولمشايخ القبائل وأهل الدم ويطالب بأن يدفع لهم مبالغ من المال حتى يشهدوا على ذلك ويسعوا فيه، لذلك حرص خادم الحرمين على إغلاق هذا الباب تماماً وجعل السقف الأعلى 500 ألف ريال. ومن يطالب بأعلى منه ليس أمامه سوى تنفيذ القصاص، أما ما يقوم به فئة من الناس من مطالبتهم بمبالغ طائلة، فخادم الحرمين قد سعى جاداً من خلال تكليفه لابنه الأمير تركي ومن يعمل معه على ألا نسعى إلا لوجه الله تعالى، ونحن لا نسعى إلا في قضايا الإصلاح لوجه الله تعالى. * هل هناك نسبة تجاوب عالية مع هذه المحاولات؟ - هناك تجاوب منقطع النظير والجميع يحبون الله ورسوله ومن ثم يحبون خادم الحرمين، لذلك فإن الناس لا تمانع في الموافقة، خصوصاً أنه لم يجعل الناس تتنازل هباء بل ينالون مبلغاً معقولاً، من يتنازل يفُز بأمرين هما رضاء الله ورسوله ثم إرضاء ولي الأمر. * وما التوجيهات الخاصة التي وجّهكم بها خادم الحرمين؟ - من أبرز توجيهات خادم الحرمين الشريفين أنه أوصانا في أحد اللقاءات وقال بالحرف الواحد: «اتقوا الله -عز وجل- إذا أصاب أحد ففي ميزان حسناتكم، وإن أخطأ ففي ميزان سيئاتكم، وأنتم ظل لتركي وعينه اليمنى فاتقوا الله عز وجل». كذلك كان يذكرنا بأن ما كان لله تعالى فهو لله، وعندما نسعى في قضية يقول: «أخلصوا النية لله تعالى ولا يكن العمل للسمعة والشهرة بل لله تعالى». ودائماً ما يوصي ابنه تركي بالتواضع والتنازل وإذا نزل إلى أحد من الناس أن يقول للآخرين: «إذا كان ابنك قد مات فأنا ابنك»، ويقول لنا «أنتم الرابحون أمام الله إذا نجحتم». كما يحذرنا دوماً من الإثقال على الناس، ويطالبنا بملاطفتهم بالحسنى بحثاً عن الثواب والأجر العظيم، ودون إجبارهم على التنازل باسمه. مفارقات العتق * هل من مفارقات وقصص غريبة في قضايا عتق الرقاب؟ - من المفارقات أننا ذهبنا إلى المغرب بغية البحث عن عتق رقبة في قضية قتل، ولم نستطِع أن نتحصل على التنازل على الرغم من أننا قدمنا خمسة ملايين ريال، وفي النهاية عرضنا على ذوي المقتول الحج فطلبوا التشاور، وما لبثوا أن عادوا بالموافقة شريطة قبول تسعة أسماء، فجاءت الموافقة الفورية وتمت استضافتهم من شهر شعبان وحتى الانتهاء من موسم الحج على كفالة وضيافة الدولة، بل وزعنا عليهم خمسة ملايين ريال. وفي أمر آخر، استطعنا بفضل من الله أن نعتق رقبة في ساحة القصاص لرجل ظل في السجن 14 عاماً، وبعد أن عاد لمنزله توفاه الله في ذات المساء في منزله وعلى فراشه، ولكني أود الحديث عن أمرين؛ الأول أن الثابت من خلال التجارب أن من يأخذ العوض لا يبارك الله له في أبنائه وماله، والثاني أن من يعتق من القصاص لا يعيش أكثر من خمس سنوات حتى لو كان شاباً في مقتبل العمر. * هناك مشروع إنشاء جمعية لغرض العتق باسم خادم الحرمين الشريفين؟ - الأمر قيد الانتظار ونأمل أن يكون كذلك في القريب العاجل. * في ظنكم كيف يمكن الإقلال من قضايا القتل في المجتمع؟ - التوعية والمحاضرات والخطب ورفع مستوى الثقافة بين الناس، وخصوصاً من ذوي الأعمار الصغيرة، ومن هنا أوجه رسالة إلى وزير الإعلام للإسهام في انتقاء بعض المسلسلات التي تتوسع في أمر أحداث القتل، وتصوير بعضها على أنها بطولة، وكذا الحال في أمر المخدرات، وما يدور الآن في سورية ومصر يجب أن تكون الاستفادة منه في تثقيف أبنائنا. د. علي المالكي متحدثاً للزميل نعيم الحكيم (الشرق) استقبال خادم الحرمين الشريفين لعدد من الأسر الذين قدموا من مختلف مناطق المملكة للإعلان عن تنازلهم عن قاتلي أبنائهم لوجه الله تعالى (واس) استقبال خادم الحرمين الشريفين لعدد من الأسر الذين قدموا من مختلف مناطق المملكة للإعلان عن تنازلهم عن قاتلي أبنائهم لوجه الله تعالى مواطنون يعلنون تنازلهم عن قاتل ذويهم أمام خادم الحرمين الشريفين