بيروت – الشرق شاركنا في الحوار لأن اللبنانيين يحتاجون جرعة أمل وإن كانت كاذبة الحوار الوطني لن يُجدي إلا إذا وافق حزب الله على إلقاء السلاح ولاية الفقيه حلم خرافي أدى إلى تطرف مقابل وخراب في المنطقة لبنان تعاني من حكومة تمثل إيران وسورية.. والنأي بالنفس كذب توقع عضو الأمانة العامة لقوى 14 آذار في لبنان ومنسق تيار المستقبل في الشمال، النائب السابق مصطفى علوش، عدم وصول الحوار الوطني إلى نتائج إيجابية طالما أصرّ حزب الله على عدم التباحث بشأن سلاحه “غير الشرعي” حسب وصفه. وقال “علوش”، في حوارٍ خاص ل”الشرق” في طرابلس شمال لبنان، إنه حتى إذا سقط نظام بشار الأسد في سورية فإن أزمة سلاح حزب الله ستظل قائمة، وأضاف “أذكِّر هنا بقول أحد النواب عن حزب الله إن طرح موضوع السلاح سيؤدي إلى حرب أهلية ستكون حرب عام 1975 بالنسبة إليها نزهة”. ورأى “علوش” أن “انقلاباً مؤقتاً” سيكون الحل الأقل كلفة والأكثر نجاعة في سورية، لكنه استبعد تحقق ذلك نظراً لدعم إيران للأسد. * كيف يعيش لبنان هذه الأيام؟ - يعيش على إيقاع الثورة السورية، والحقيقة هو ليس كذلك فقط في هذه الأيام، فلبنان بعيد إنشائه يعيش على إيقاع أزمة النظام السوري الذي يحلم بضم لبنان أو أجزاء منه إلى سورية في إطار ما يُعرَف ب”أحلام المملكة المتحدة”، كل ذلك تعاظم بعد أن تعسكرت كل مكوناته ضمن إطار طائفي. * هل يمكن وضع ما يجري في لبنان من أحداث أمنية ضمن عنوان “تصدير أزمة”؟ - لبنان يعيش أزمة مستمرة لأن جميع مكوناته لم تتفق على هويته وصفته ودوره، وفي الحقيقة لم يكن ذلك ليؤدي إلى صراع دموي لولا التدخل الخارجي، على سبيل المثال، بلجيكا تعاني من الانقسام لكن لم تصل الأمور هناك إلى أزمة شبيهة بلبنان لأنه لا يوجد هناك من يلجأ إلى السلاح، أما مسألة توقيف شادي المولوي واغتيال الشيخين والشك بوجود عملية اغتيال واستمرار الأحداث الأمنية بين منطقة جبل محسن والتبانة وأخيراً ما حدث في نهر البارد، فيؤكد أن هناك قراراً أمنياً بالتأزيم، لكن هذا السيناريو المترابط لم ينجح حتى الآن، وهو سيستمر بشكل مأساوي إلى حين سقوط النظام السوري. * هل تشارك أطياف لبنانية بتهريب السلاح إلى المجموعات السورية المعارضة؟ - المؤكد أنه لم يتم حتى الآن ضبط شحنات سلاح بحسب ما يُروّج له، رغم الانتشار الأمني المزدوج، كل ما نسمعه روايات، ولا شيء ملموس، وأنا لا أنكر كما لا أملك المعرفة الكاملة، وفي سياق موازٍ، الجميع يعرف كمية السلاح الثقيل الذي يأتي عبر الحدود إلى حزب الله، المسألة لسنا نحن من نُقحم لبنان في المسألة السورية، النظام هناك هو من أقحم نفسه في لبنان، لا أُخفيك سراً أن بعض مكونات لبنان تعدّ النظام السوري عدواً يماثل بخبثه العدو الإسرائيلي، كما تعدّ المواجهة معه مماثلة للمواجهة مع العدو، لأن ما ذاقه لبنان من هذا النظام فاق ما ذاقه من العدو الإسرائيلي. * ما موقفكم من الحكومة اللبنانية؟ - اعتقدنا أن هذه الحكومة، باعتبار أنها تمثل الطرف العابث بالأمن (سورية وإيران)، ستوفر فترة من الاستقرار في لبنان، لكن عملياً تبين أن الشهوات الفردية لهذا التحالف تفوق مسألة الرغبة في النجاح في إدارة البلاد، هناك انهيار شبه كامل لمؤسسات الدولة، وكل ذلك بسبب غياب القيادة الحكيمة القادرة على إعطاء جرعة من الثقة للداخل أو للخارج على حد سواء، أما مسألة سياسة النأي بالنفس الكاذبة، فقد جعلت الحكومة تتغاضى عن المجازر في سورية، ليس هذا وحسب، بل تغاضت عن ملاحقة المعارضين السوريين وخطفهم وقتلهم هنا في لبنان، نحن في انتظار أن تتغير المعادلة. * كيف تنظرون إلى طاولة الحوار؟ - هناك مثل شعبي معروف بأن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين، وهناك قول لبناني مأثور يقول “من جرّب مجرّب يكون عقله مخرّب” الحوار ابتدأ نظرياً، علماً بأنه يجب أن يكون مستمراً عبر مجلس النواب ومؤسسات الدولة، لكن الحوار الذي ابتدأ قبل صيف 2006 معروف المواد التي أُدرجت على جدوله، والنقاط والمسائل التي تم الاتفاق عليها، حينها بقيت مسألة السلاح غير الشرعي التي سُمّيت تحبباً بالاستراتيجية الدفاعية، الجميع يعلم أنه تم نقض ما اتُّفِق عليه، وإذا فشلنا في تنفيذ ما اتُّفِق عليه، فإن ما سنتفق عليه سيفشل بالتأكيد، المشكلة واضحة، وهي سلاح حزب الله الموجود خارج سلطة الدولة، وهذا سلاح غير شرعي ويشكل تهديداً، حزب الله يؤكد ألّا بحث في سلاحه وهذا يعني أن الطرف المعني بالموضوع أعلن انتهاء الحوار. * إذا كنتم تعلمون نتيجة الحوار سلفاً، فلماذا شاركتم فيه؟ - الشعب يحتاج إلى نوع من الأمل، أي أمل، حتى ذلك الأمل الكاذب الذي يعطي بعض جرعات التخدير للمواطن، ذهبنا إلى الحوار من هذا الباب على أمل أن نعطي جرعات تخفيفية للناس، رغم أن آمالنا أصبحت معدومة من هذا الحوار في ظل المعادلة القائمة. * كيف تقيّم وضعية النظام في سورية؟ - النظم الديكتاتورية عكس التاريخ، وهذه الأنظمة أصبحت من الزمن الغابر، ليس هذا فقط، بل أصبحت أسوأ من الأنظمة التي كانت سائدة في العالم القديم، لأنها تحاول أن تسيطر على مختلف نواحي الحياة، استوقفني منذ يومين قول للفيلسوفة هانا آراند (المميز للأنظمة الشمولية أن كل شيء يبدو جيداً حتى اللحظة الأخيرة)، وهذا أفضل ما يعبر عن حال النظام، مهما بدا أنه متّزن، تطوّر الأزمة يؤكد أن هناك كسباً مستمراً للثورة، رغم بعض النكسات التي سببتها وحشية النظام، ولدينا معلومات أكيدة أن هذا النظام فقد السيطرة على مساحات واسعة، أما على المستوى الاقتصادي، فهو في وضع صعب، ومنهك من الناحية العسكرية والأمنية، وخارجياً هو في عزلة، ما عدا الدول الشبيهة به، السقوط أصبح قاب قوسين أو أدنى. * ما الذي يمكن أن ينقذ سورية؟ تدخل خارجي مثلاً؟ - بوادر التدخل الخارجي ليست واضحة، وأعتقد أنها مسألة ليست سهلة، لأن كلفتها عالية، ولا أعتقد أن هناك دولاً راغبة في ذلك، كما أن بقاء الوضع على ما هو عليه سيؤدي إلى سقوط أكثر من مائة ألف قتيل، أعتقد أن الحل الأقل كلفة والأكثر نجاعة هو أن يكون هناك تغيير من خلال انقلاب مؤقت يكون هدفه تسليم السلطة في مرحلة لاحقة، وقد يكون هذا حلم، لأن النظام يقاتل إلى آخر رمق، وهو مدعوم من نظام ولاية الفقيه في إيران. * في حال سقط النظام، كيف سينعكس ذلك لبنانياً؟ - من الناحية السياسية، أقول إن الأكثرية ليس لها بديل عن لبنان، المهم هل سيتعقّل حزب الله أم سيستمر في غيّه؟ وأريد هنا أن أذكر بما قاله أحد نواب حزب الله بأن الإصرار في طرح موضوع السلاح سيؤدي إلى حرب أهلية ستكون حرب عام 1975 بالنسبة إليها نزهة، في الحقيقة، كل الأمور مرتبطة بكيفية تصرف الحزب الذي يحمل السلاح ويتبع لإيران ويعدّ ولاية الفقيه مشروعاً مقدّساً، هل سيعود إلى الواقعية أم يُدخل لبنان في حرب أهلية؟ * كيف سيكون الحال إذا لم يسقط الأسد؟ - ذلك احتمال وارد، لكنه ضئيل، لو حصل، فإننا سنتعرض إلى حملة اضطهاد واسعة، لكن ذلك لن يغير في موقفنا وسنقاوم بقوة. * كلمة أخيرة؟ - الواقع أن مشروع ولاية الفقيه هو بمثابة الأحلام الخرافية التي أدت إلى كوارث كبرى عبر التاريخ، وهذا المشروع خلال مساره سوف يؤدي بالتأكيد إلى كثير من الأذى والخراب على المنطقة، وقد يؤدي إلى تطرف مقابل هو في النهاية يخدم نفس المشروع، لأن التطرف والتطرف المقابل هو في نفس الصف، وعلى الدول العربية أن تلتزم بالاعتدال، وتسعى إلى تغليب منطق الدولة الوطنية على أي منطق آخر، والسعي إلى قبول الآخر والتسامح مع الاختلاف، وفي نفس الوقت، الوعي لهذا المشروع ومواجهته بما أمكن من الوسائل، وأعتقد أن الساحة اللبنانية تشكل ساحة المواجهة الرئيسية مع هذا المشروع. متظاهرون في بيروت ضد الصراع الطائفي في البلاد (إ ب أ)