لا أعرف سبباً وراء الحماس الذي ينتاب مراقبي البلدية كلما شاهدوا بسطة امرأة عجوز في سوق شعبي أو «ونيت عراوي» لشاب يافع جلب معه حبحباً أو تمراً لبيعه على قارعة الطريق، فيضايقونهم ويرهبونهم وأحياناً يضطر هؤلاء الباعة للهرب وترك بضاعتهم في مكانها مما يثلج صدر أسد البلدية الذي يتحول إلى نعامة أمام مطاعم الشاورما. وحينما نطالب البلديات بمراقبة مطاعم الشاورما التي تبيعنا السموم احتجوا بقلة المراقبين، علماً بأن مراقبيهم لم يتركوا بسطة لم يضايقوها! أقترح أن نضع أمام كل مطعم شاورما بسطة على الأقل لتحظى المطاعم بزيارة السيد مراقب البلدية ولو من باب الفضول. كل البلديات تشتكي من قلة المراقبين وكل البسطات تشتكي من المراقبين. يفترض أن نرفع القبعة تحية لكل شاب سعودي يبحث عن لقمة العيش الشريفة بتشجيعه وإيجاد السبل التي تساعده على شق طريقه بنفسه. الآن أسواق الخضرة التابعة للبلديات شبه مهجورة، لماذا لا يخصص جزء منها لهؤلاء الشباب بتأجير ميسر بدلاً من تركها «فاضية»، يفترض من البلديات أن تحتوي هؤلاء الباعة السعوديين وتحتفظ بسجلات عنهم ثم ترشدهم إلى الطريق الصحيح لبيع بضاعتهم لا أن تطاردهم كطريدي عدالة. نحن نحتج دائماً بأن الشاب السعودي ليس عملياً وحينما يريد أن يكون عملياً لا يجد اليد التي تمتد إليه للمساعدة. ويفترض أن نرحم كل امرأة عجوز تكد على أيتام حينما تحاول بيع ما لديها بالطريقة التي تستطيعها (ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء).