أكدت دراسة اقتصادية حديثة أن دول مجلس التعاون تمتلك كيانات اقتصادية ومالية قوية، قادرة على قيادة الاتحاد الخليجي المشترك، ورسم الطريق للوحدة العربية المنتظرة، وذكرت الدراسة التي أعدها الخبير الاقتصادي وأستاذ إدارة الأعمال الدولية في جامعة الملك فيصل الدكتور محمد القحطاني تحت عنوان «آلية نحو تفعيل التكامل الاقتصادي الخليجي»، أن الخبرات المالية والمصرفية التي تكونت لدى دول المجلس خلال العقود الثلاثة الماضية، تشكل نواة طيبة للاندماج وإقامة المؤسسات المالية الضخمة، مشيراً إلى قوة موقف دول الخليج، الذي سيساعدها على تحقيق مبدأ التكامل الاقتصادي وبالتالي سيشمل ذلك الطريق نحو الوحدة السياسية، فهناك ملاءمة للمناخ السياسي الخليجي، نجدها تجلت إبان حرب الخليج عام 1991ومحاربة الإرهاب، والوقوف أمام المطامع الإيرانية. وعرّفت الدراسة التكتل الاقتصادي بأنه يعني قيام اتفاق بين مجموعة من الدول تكون متقاربة جغرافيا، لتقليل أو إزالة العوائق الجمركية وغير الجمركية، ما يسهل انسياب السلع والخدمات وعناصر الإنتاج بين هذه البلدان، وضربت مثالاً بالسوق الأوروبية المشتركة التي تحتضن أكثر من 340 مليون مستهلك، توصلت إلى إصدار عملة موحدة، والآن عند عنق الزجاجة، وهم متوجهون نحو الوحدة السياسية المتكاملة، التي تعتبر آخر مستوى من مستويات التحالف. وناقش القحطاني في دراسته هذه المستويات موضحا أن المستوى الأول «منطقة التجارة الحرة» تعني إزالة كل العوائق التي تعترض تجارة السلع والخدمات بين الدول الأعضاء في التجمع الواحد، أما المستوى الثاني فيتمثل في وحدة العادات والتقاليد، وهو الطريق الذي نصل به إلى الوحدة الاقتصادية والسياسية. وقال إن دول مجلس التعاون ترى أنها حققت المستوى الأول «منطقة التجارة الخليجية الحرة» إلا أنه في واقع الأمر لا يزال هناك الكثير من العوائق التي تعترض تجارة السلع والخدمات الخليجية بين دول المجلس، وبالنسبة للمستوى الثاني وهي مرحلة وحدة العادات والتقاليد، فلن تأخذ الوقت الكبير، بسبب اللحمة الخليجية الواحدة، وتقارب العادات والتقاليد. ورأت الدراسة أن المشكلة هي أن دول الخليج بعيدة كل البعد عن مفهوم السوق الموحدة، التي تتطلب وجود تنسيق بين السياسات الاقتصادية المتبعة في دول المجلس، لأن ذلك سيمهد الطريق إلى المرحلة الرابعة، وهي مرحلة التكامل الاقتصادي التام، الذي يعني انصهار الاقتصاديات الخليجية في بوتقة واحدة، وتشكيل الكيان الاقتصادي الموحد، وهذه المرحلة تعتبر من أصعب المراحل، إذ يتطلب الوضع إيجاد ترتيبات مؤسساتية جديدة، وسياسات اقتصادية ومالية واجتماعية جديدة، تغطي المنطقة التكاملية بأكملها وتوحد مواقفها تجاه الدول غير الأعضاء. واستعرضت الدراسة مجموعة من العوامل التي يجب على دول الخليج انتهاجها من أجل إقامة الكيان الاقتصادي الخليجي الكبير مع نهاية 2012، وحددتها في تفعيل كل ما يصدر من قرارات، توزيع البرامج ذات الشأن الاقتصادي على كافة دول المجلس دون استحواذ لأي من هذه البرامج لدولة على حساب أخرى، العمل على المشروع النووي السلمي وبأسرع وقت، تشجيع الترابط العلمي بين مؤسسات التعليم في الخليج على كافة المستويات، والاستفادة من التفوق التقني والصناعي والتجاري والخدماتي الموجود في دولة خليجية ودعمه والتكامل معه. وكشف القحطاني عن وجود عدد من العوامل الملحة التي يجب الإسراع فيها ومنها التقارب السياسي في كافة المجالات والأصعدة بين دول الخليج، إذ مضى على قيام الاتحاد أكثر من ثلاثين عاما، فهذه المدة كفيلة أن تدفع عجلة التقارب السياسي إلى أعلى المستويات، تحسين مقومات البنية الأساسية، إنشاء خطوط دولية (طيران، سكك حديدية، نقل بحري) تربط دول المجلس لأن ذلك سيخلق لدى الشارع الخليجي ما يعرف بالصحوة الاقتصادية، تصريف الطاقات الإنتاجية الفائضة لدى الكثير من دول المجلس. وأفاد القحطاني في ختام الدراسة أن دول الخليج تعتنق فلسفة الاقتصاد الحر، وهذا يساعد في إيجاد صيغة لخلق اقتصاد خليجي موحد، مضيفاً أن اقتصاديات دول المجلس تمتاز بقوتها منذ السبعينيات، ولديها من الموارد ما يسند قواعدها الاقتصادية، ويهيئها لأي منافسة متوقعة، بالإضافة إلى أن البنية الأساسية لدول المجلس قوية وتحتاج فقط إلى التنسيق بين وسائلها وخطوطها الملاحية والبحرية والبرية والجوية بشكل منظم، يساعد على نقل السلع وعناصر الإنتاج بين دول الخليج.