بعض الرسائل تشعرك أنها كتبت بدفء دم القلب، تصل لك كقارئ محايد وتهز وجدانك وتجعلك تسأل عن ردة فعل مستقبلها الذي صافحت وعيه. تقول إحدى هذه الرسائل التي أنقلها جميعا بتصرف وهي من مثقف لمثقفة: أسأت كثيرا في لحظات غياب فج، تطاولت ولم أعهد في نفسي ذلك. كان حظي جميلا حين تجاوز طيب معدنك عن قبح الكلام. كنت ألوم رمزا كبيرا على ذلك ذات يوم وأنا أسمع عن شططه، وجدتني أعيش حكايته من جديد. حبل نجاته ذاكرة إبداعه ولا حبل يعصمني. قد بلغ كرمك من لدني عذرا، فإن عدت فلا كرامة لي وإن مضيت فلعل ثوب الستر يداري السوء. ويبوح آخر لزميل له: لك القصاص وفيه حياة والعفو وردم الحقد أولى. ما سار إنسان بمذمة أخيه إلا أورثه ذلك بعدا عن روحه وألصقه بعلة من نقص. ومن جميل العتب كتاب أحدهم لصديق أوجعه بالملام: النقصان خلقة للبشر تزين لهم الصبر على دروب الكدر وتعينهم على طبع الندم، ما أنكره إلا جاهل أو مكابر ولا وعاه إلا حليم ودود رحيم. كن لي ولا تكن علي وعلمني لذة الصفح والمغفرة. لا أملك في خاتمة هذا المقال إلا أن أقول: أريد أن لا أريد والمولى يفعل ما يريد. طوبى لمن وضع رأسه على وسادته نادما على تفريطه وخاليا من الضغينة على الناس.