قال وزير البترول والثروة المعدنية المهندس علي النعيمي أمس، إن السعودية ملتزمة باستقرار إمدادات النفط وتجنب أي نقص. وقال النعيمي للصحفيين «الفكرة كلها ألا يكون هناك أي نقص في سوق النفط» وأضاف «كانت هذه هي سياسة السعودية طوال الوقت. إدارة استقرار سوق النفط.» وتحدث النعيمي بعد اتفاق أوبك على الإبقاء على سقف إنتاجها المستهدف عند مستوى ثلاثين مليون برميل يوميا قائلة إنها ستخفض الإنتاج الزائد عن هذا المستوى والبالغ 1.6 مليون برميل يوميا. ويرى الخبير في السياسات النفطية الدكتور راشد أبانمي أن أوبك تضخ للسوق العالمي ثلث إنتاج العالم من البترول ما يعني أنها ليست المتحكم الرئيس في الأسعار كما يعتقد البعض، مؤكدا خلال حديثه ل»الشرق» أن العامل المؤثر في أسواق البترول هو النمو الاقتصادي العالمي وكميات العرض والطلب على البترول. واتهم أبانمي بعض الدول الأعضاء بمحاولة إقحام أوبك في السياسة وهذا ما يتعارض مع مواد دستور أوبك التي أسست على مبدأ محاربة الاحتكار من قبل الشركات والدول والبعد عن النزاعات السياسية، والمحافظة على أسعار البترول عالميا، موضحا أن استمرار أوبك لخمسين عاما يأتي لاستمرارها على نفس النهج وتركيزها على الأمور الاقتصادية التي أسست عليها. وكانت دول أوبك التي قررت إبقاء إنتاجها النفطي على حاله، أبدت قلقها من مخاطر انهيار الطلب العالمي على الخام في ظروف اقتصادية مضطربة، لكنها حريصة قبل كل شيء على وقف تدهور أسعار البرميل. وعبر وزراء منظمة أوبك الذين تضخ بلدانهم حوالى ثلث العرض العالمي من البترول، الذين اجتمعوا الأربعاء والخميس في فيينا، عن قلقهم الشديد إزاء الوضع المترنح للاقتصاد العالمي. وقال وزير النفط الفنزويلي رافايل راميريز «إن النظام الرأسمالي يشهد أزمة عميقة حولت إمكانية انهيار الطلب العالمي على النفط إلى خطر واضح ووشيك». واستطرد نظيره الأنغولي جوزيه ماريا بوتليو دي فاسكونسيلوس قائلا إن تباطوء النمو في الولاياتالمتحدة وفي الصين، أكبر بلدين مستهلكين للخام، وكذلك الأزمة المستمرة في منطقة اليورو، «قد يزيدان الضغط على طلب الخام». ولم تسهم وكالة الطاقة الدولية في التخفيف من تلبد الأجواء بتخفيض توقعاتها الأربعاء للطلب العالمي على النفط للعام 2012. ومن الأعراض المثيرة للقلق تسجيل المخزونات الأمريكية من الخام أعلى مستويات منذ 1990، وانهيار أسعار برميل النفط ثلاثين دولارا في غضون ثلاثة أشهر ليتدنى في لندن إلى ما دون عتبة المائة دولار. وقال غاري هورنبي المحلل لدى شركة الطاقة البريطانية اينينكو «إن الاقتصاد العالمي قد يستفيد من هذا الانخفاض في الأسعار الذي هو أشبه بمحفز للنمو». لكن معظم وزراء أوبك لا يرون الأمر كذلك، وأبدى كثير منهم قلقهم من تدهور الأسعار وتمنوا معاودة ارتفاع الأسعار لتتجاوز المائة دولار. وشدد راميريز على «أن استقرار الأسعار على أكثر من مائة دولار تمثل الحد الأدنى الضروري لاستمرار الموارد النفطية» في الارتفاع، وهو رأي يشاطره إياه نظيراه الأنغولي والليبي. أما إيران وفنزويلا العضوان الأكثر محافظة في المنظمة فقد انتقدا بشدة دول الخليج المتهمة برأيهما بزيادة عرضها بشكل مفرط وزعزعة استقرار السوق. وفي حين ارتفع العرض المشترك للكارتل إلى 31.86 مليون برميل في اليوم بحسب وكالة الطاقة الدولية، اتفق وزراء أوبك الخميس على إبقاء سقف إنتاجهم عند مستوى ثلاثين مليون برميل في اليوم كما تقرر في كانون الأول/ديسمبر، مكتفين بالمطالبة بالانضباط الجماعي بشكل أفضل. وقال فيليب بيترسون المحلل لدى المصرف السويدي اس اي بي «إن السعوديين يرغبون على الأرجح بالتوصل إلى إجماع، ولأن مستوى الأسعار الأنسب الذي سبق وحددوه بمئة دولار قد تم بلوغه، فسيكون من المنطقي رؤيتهم يخففون فعلا من عرضهم»، مشيرا إلى أنه إن بقيت الأسعار على مستواها الحالي دون مزيد من التراجع، فإن انخفاضا حقيقيا لإنتاج أوبك قد يكون موضع تشكيك بالرغم من كل شيء، مبينا أنه في الواقع تتراجع الصادرات السعودية بشكل ملحوظ خلال فصل الصيف بسبب زيادة كبيرة في الاستهلاك الداخلي للخام لتغذية أنظمة التكييف. وأضاف بيترسون أن الزيادة التقليدية للاستهلاك النفطي في النصف الشمالي من الكرة الأرضية خلال الصيف ومع اقتراب الشتاء «قد يسهم في امتصاص الفائض من النفط في السوق».