في لشبونة، يعرف الجميع “كاسا دوس بيكوس” المنزل الذي تغطيه حجارة مصقولة على شكل ماسات وهو دارة شهيرة ستأخذ اعتبارا من الأربعاء بعداً أدبياً مع تحويلها إلى مقر لمؤسسة جوزيه ساراماغو. ويدشن المقر بمعرض “البذرة والثمار” الذي يستعيد حياة ساراماغو الحائز جائزة نوبل للآداب، ككاتب وكمواطن ملتزم أيضاً انضم إلى الحزب الشيوعي العام 1969 قبل خمس سنوات من انتهاء عهد الدكتاتورية التي استمرت أكثر من أربعة عقود. وتشدد أرملة ساراماغو، الصحافية الإسبانية بيلار ديل ريو على أن الكاتب الذي توفي في 18 يونيو في لانزاروتي (إسبانيا) عن 87 عاماً “كان معجباً جداً بهذا المنزل”. وساراماغو صاحب كتاب “الإنجيل بحسب يسوع المسيح” كان فكر بإقامة مكتبه وراء إحدى نوافذ هذا المنزل الواسعة التي توفر منظراً رائعاً على مصب نهر تاجة. وكان ساراماغو يقول “من هنا يمكنني أن أرى المراكب تمر”. لكنه لم يتمكن من تحقيق حلمه، إلا أن رماده يرقد تحت النافذة في ظل شجرة زيتون معمرة. وتقول بيلار ديل ريو “وضع مقعد قبالة ذلك مباشرة. يجلس عليه الناس يقرأون كتاباً ويشاهدون المراكب تعبر كما كان يريد أن يفعل”. بني المنزل في القرن السادس عشر وانهار خلال الزلزال الكبير الذي أتى على جزء كبير من العاصمة البرتغالية في العام 1755. وأعيد بناء الدارة العام 1982 وكانت لفترة مستودعاً لسمك المورة المفضل لدى البرتغاليين، ومن ثم أهدته بلدية لشبونة العام 2008 إلى مؤسسة ساراماغو. وخلال هذا المعرض الأول يمكن للزوار أن يكتشفوا بين أشياء أخرى، مخطوطات وملاحظات شخصية وقصاصات صحف وصوراً وأعمال الكاتب ومختارات من أعماله المترجمة إلى لغات أجنبية كثيرة. وعلى الجدران يجدون صفحات من مفكرات ساراماغو ومواعيده المدونة بخطه الرفيع والواضح، مثل رحلة من خمسة أيام إلى باريس في مايو 1977 أو اجتماع لخلية الحزب في السابع من ديسمبر 1977. ونقلت كل هذه الكنوز، ومن بينها حوالى خمسة آلاف كتاب من لانزاروتي، حيث لا تزال هناك مكتبة كبيرة تضم حوالى 20 ألف كتاب. وإلى جانب القاعات المخصصة للمعارض، سيكرس طابق بكامله لإقامة صالة لعرض أفلام وتنظيم حفلات موسيقية ومؤتمرات، أو تقديم كتب. والجزء من المكتبة الذي لا يزال في لانزاروتي فيمكن الاطلاع عليه عبر أجهزة كمبيوتر. وستكون قاعة مكرسة للاختصاصيين الذين يجرون أبحاثاً على أعمال ساراماغو الأدبية. تحت إشراف بيلار ديل ريو النشطة جداً، حددت المؤسسة هدفاً طموحاً للتحول إلى “محرض أفكار”، تماماً كما كان ساراماغو الأديب الوحيد باللغة البرتغالية الذي حاز جائزة نوبل. وتوضح “نريد أن نحفز، أن نقترح نقاشات، لأننا لسنا مؤسسة أدبية فحسب. نريد أن نوقظ الضمائر. هذا المنزل يجب أن يشع. ليس من الضروري أن يكون الجميع على اتفاق معنا. ما نسعى إليه هو إطلاق الأفكار”. وتبقى مشكلة التمويل. تقول أرملة ساراماغو “نحن طموحون جداً، لكن عددنا قليل ونحن فقراء” موضحة أن الجزء الأكبر من الأموال يأتي من حقوق المؤلف على أعمال زوجها. لكن بعض الأطراف الراعية ساهمت أيضاً. وعلى مدى شهر سيكون الدخول إلى “كاسا دوس بيكوس” مجانياً، وبعد ذلك سيكون رسم الدخول 3 يورو مع “أسعار أعلى بقليل للسياح الأجانب”، على ما توضح بيلار ديل ريو. أ ف ب | لشبونة