أ ف ب - في لشبونة الجميع يعرف «كاسا دوس بيكوس» المنزل الذي تغطيه حجارة مصقولة على شكل ماسات، وهو دارة شهيرة بدأت تأخذ اعتباراً من أمس بعداً أدبياً مع تحويلها إلى مقر لمؤسسة جوزيه ساراماغو. ويدشن المقرّ بمعرض «البذرة والثمار» الذي يستعيد حياة ساراماغو الحائز جائزة نوبل للآداب، ككاتب وكمواطن ملتزم انضم إلى الحزب الشيوعي في العام 1969 قبل خمس سنوات من انتهاء عهد الدكتاتورية التي استمرت أكثر من 4 عقود. وتؤكد أرملة ساراماغو، الصحافية الإسبانية بيلار ديل ريو، أن الكاتب الذي توفي في 18 حزيران (يونيو) 2010 في لانزاروتي في إسبانيا عن 87 سنة «كان معجباً جداً بهذا المنزل». وساراماغو صاحب كتاب «الإنجيل بحسب يسوع المسيح»، فكر يوماً في إقامة مكتبه وراء إحدى نوافذ هذا المنزل الواسعة المطلّة على منظر رائع إلى جانب مصب نهر تاجة. وكان يقول: «من هنا يمكنني أن أرى المراكب تمرّ». لكنه لم يتمكن من تحقيق حلمه، إلا أن رماده يرقد تحت النافذة في ظل شجرة زيتون معمِّرة. وتقول بيلار ديل ريو: «وُضع مقعد قبالة تلك النافذة. يجلس عليه الناس يقرأون الكتب ويشاهدون المراكب تعبر كما كان يريد أن يفعل». بني المنزل في القرن السادس عشر وانهار خلال الزلزال الكبير الذي أتى على جزء كبير من العاصمة البرتغالية في العام 1755. وأعيد بناء الدارة العام 1982 حين حوّلت مستودعاً لسمك الموره المفضل لدى البرتغاليين، وأهدته بلدية لشبونة العام 2008 إلى مؤسسة ساراماغو. وخلال هذا المعرض الأول الذي افتتح أمس، يمكن للزوار أن يكتشفوا مخطوطات وملاحظات شخصية وقصاصات صحف وصوراً وأعمال الكاتب ومختارات من أعماله المترجمة إلى لغات أجنبية كثيرة. وعلى الجدران يجدون صفحات من مفكرات ساراماغو ومواعيده المدونة بخطه الرفيع والواضح، مثل رحلة من خمسة أيام إلى باريس في أيار (مايو) 1977 أو اجتماع لخلية الحزب في السابع من كانون الأول (ديسمبر) 1977. ونقلت كل هذه الكنوز ومن بينها نحو خمسة آلاف كتاب من لانزاروتي في إسبانيا حيث لا تزال هناك مكتبة كبيرة تضم 20 ألف كتاب. وإلى جانب القاعات المخصصة للمعارض، سيكرّس طابق بكامله لإقامة صالة لعرض أفلام وتنظيم حفلات موسيقية ومؤتمرات أو تقديم كتب. ويمكن الاطلاع على جزء من المكتبة الذي لا يزال في لانزاروتي، عبر أجهزة كمبيوتر وضعت في قاعة مكرسة للمتخصّصين الذين يجرون أبحاثاً حول أعمال ساراماغو الأدبية. وبإشراف الناشطة بيلار ديل ريو، حددت المؤسسة هدفاً طموحاً للتحول إلى «محرّض أفكار» تماماً كما كان ساراماغو الأديب الوحيد باللغة البرتغالية الذي حاز جائزة نوبل. وتوضح ريو: «نريد أن نحفز، أن نقترح نقاشات لأننا لسنا مؤسسة أدبية فحسب. نريد أن نوقظ الضمائر. هذا المنزل يجب أن يشع. ليس من الضروري أن يكون الجميع على اتفاق معنا. ما نسعى إليه هو إطلاق الأفكار». ولكن تبقى مشكلة التمويل التي تواجه أي مشروع ثقافي في العالم، هي العالقة هنا أيضاً. تقول أرملة ساراماغو: «نحن طموحون جداً لكن عددنا قليل ونحن فقراء»، موضحة أن الجزء الأكبر من الأموال يأتي من حقوق المؤلف على أعمال زوجها. وهناك بعض الأطراف الراعية التي تساهم في التمويل. وعلى مدى شهر سيكون الدخول إلى «كاسا دوس بيكوس» مجاناً وبعد ذلك سيكون رسم الدخول 3 يورو مع «أسعار اعلى بقليل للسياح الأجانب»، على ما توضح بيلار ديل ريو.