جمعت صورة واحدة أضداد السياسة اللبنانية أمس فيما غاب عنها ثلاث شخصيات هم الوزير محمد الصفدي والنائبان سعد الحريري وسمير جعجع، الأول برر التغيّب بداعي المرض والثاني بداعي الوجود خارج البلاد أما الثالث فاختار المقاطعة صراحة قائلاً إن الحوار الوطني الذي انعقد أمس سيكون «في ظاهر الحال جامعاً، لكن الحقيقة ليست كذلك»، معتبراً أنه «في بعض الأوقات يجب أن يقف أحد ويقول كلاّ».إذن، وصلت 17 شخصية للمشاركة في الحوار، وأظهر السياسيون جوّاً تفاؤلياً في البداية وهكذا انتهوا، حيث أثنوا على الأجواء الإيجابية للجلسة، وخرج بعدها رئيس الجمهورية ليُحدد يوم الإثنين في ال25 من يونيو الجاري موعداً للجلسة المقبلة. بالأمس، بدأت الجولة الثانية من مسلسل الحوار اللبناني الذي لم يُسفر عن أي نتيجة حتى اللحظة، توافد الفرقاء السياسيون منذ العاشرة صباحاً إلى صالة الاستقلال في القصر الجمهوري في بعبدا، هناك التقوا وتصافحوا وتبادلوا القبلات الترحيبية، فكانوا خير مجسِّدٍ لمقولة «الإخوة الأعداء». التفّ الحاضرون حول طاولة الحوار ليفتتح رئيس الجمهورية ميشال سليمان الجلسة، كانت عقارب الساعة تشير إلى ال11، ثم تحوّلت الجلسة إلى مغلقة لتدوم نحو أربع ساعات.انتهت الجلسة، لم يدل أي من الحاضرين بأي تصريح لدى خروجهم، كانت هناك مأدبة غداء شاركوا فيها، قبل أن تنطلق التصريحات الإعلامية الرسمية. وفي هذا السياق، علمت «الشرق» أن «المداخلات في جلسة الحوار تركزت على النقاش في موضوع السلاح»، علماً أن ثلاثة بنود كانت أُدرجت على جدول أعمال الجلسة تتعلّق جميعها بمسألة السلاح المنتشر على الأراضي اللبنانية. وفي سياق المواقف المعلنة من الجلسة، أشار رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون إلى أن «الأجواء خلال الحوار كانت جيدة جداً وتم الاتفاق على كل شيء»، كما اعتبر رئيس مجلس النواب نبيه بري أن «الحوار كان جديا»، ووفق الموجة نفسها تحدث رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة ليقول إن «جلسة الحوار اليوم كانت خطوة».أما البيان الختامي الذي صدر عن المجتمعين، فدعا إلى التزام نهج الحوار والتهدئة الأمنية والسياسية والإعلامية والسعي إلى توافق على ثوابت وطنية وقواسم مشتركة.ودعا البيان إلى التزام العمل على تثبيت دعائم الاستقرار وصون السلم الأهلي، والحيلولة دون اللجوء إلى العنف والانزلاق بالبلاد إلى الفتنة وتعميق البحث حول السبل السياسية الكفيلة بتحقيق هذا الهدف، كما دعا المواطنين بكل فئاتهم للوعي والتيقن بأن اللجوء إلى السلاح والعنف مهما تكن الهواجس والاحتقانات يؤدي إلى خسارة محتمة وضرر بجميع الأطراف ويهدد أرزاق الناس ومستقبلهم ومستقبل الأجيال المقبلة.وشدد البيان على ضرورة العمل على تعزيز مؤسسات الدولة وتشجيع ثقافة الاحتكام للقانون والمؤسسات الشرعية لحل أي خلاف أو إشكال طارئ، مؤكداً دعم الجيش على الصعيدين المعنوي والمادي بصفته المؤسسة الضامنة للسلم الأهلي والمجسِّدة للوحدة الوطنية، ومناديا بتكريس الجهد اللازم لتمكينه وسائر القوى الأمنية الشرعية من التعامل مع الحالات الأمنية الطارئة وفقا لخطة انتشار تسمح بفرض سلطة الدولة والأمن والاستقرار، بالإضافة إلى دعم سلطة القضاء لفرض أحكام القانون بصورة عادلة ومن دون تمييز.ودعا البيان إلى تنفيذ خطة نهوض اقتصادي واجتماعي في مختلف المناطق اللبنانية، كما دعا جميع القوى السياسية وقادة الفكر والرأي إلى الابتعاد عن حدة الخطاب السياسي والإعلامي وكل ما يثير الخلافات والتشنج والتحريض الطائفي والمذهبي بما يحقق الوحدة الوطنية ويعزز المناعة الداخلية في مواجهة الأخطار الخارجية ولاسيما منها الخطر الذي يمثله العدو الإسرائيلي. وأكد على ضرورة التزام ميثاق الشرف الذي سبق أن صدر عن هيئة الحوار لضبط التخاطب السياسي والإعلامي بما يساهم في خلق بيئة حاضنة ومواتية للتهدئة لتكريس لبنان كبلد لحوار الحضارات والديانات والثقافات.وشدّد البيان على التمسك باتفاق الطائف ومواصلة تنفيذ كامل بنوده على أن يُنظَر في كل رغبة في التطوير أو التعديل أو التفسير بالتوافق استنادا إلى الآليات الدستورية بعد التهيئة لذلك داخل الأطر المتعارف عليها للحوار.