أدرك تماماً أن ثمة مثقفاً يسعى إلى حصد مدركات الخطاب التنويري التقدمي، أو ما يسمى بخطاب العقلانية rationalism، ذلك أن هذا الخطاب يتموضع حول ذهنية المثقف المتأثر بثقافة المكان وثقافة مرحلة مابعد (الحلم)، والعقلانية جزء من نقد الذات، كما هي نقد للمجتمع، وبالتالي هي ترفض أدلجة كل الأطراف المساهمة في تقنين نسقية التثقيف الذي طالما هيمن على عقليات تاريخية. ماذا يريد المثقف التنويري؟ سؤال يعبر عن جدوى هذا التنوير بخصوصية مفرطة إلى حد كبير. فالمثقف الذي ناله هذا التنوير يبحث عن نمذجة الفعل الثقافي الذي سيحقق له هوية تستطيع أن ترصد له تمثلاً ثقافياً في ذهنيته، وبالتالي سيتمكن من رصد كل المكونات الأخرى لاحقاً. المثقف يستطيع أن يدير طموحه التنويري ليحدث نقلة غير مسبوقة في مجتمعه، لأنه يمثل حالة معرفية وفكرية وأخلاقية يستطيع من خلالها أن يخرج نفسه من جدلية الصراع القائم على التاريخ والأيديولوجيات الأخرى الموجودة في كثير من المجتمعات، وبالمقابل يجب أن يكون هذا المثقف على استعداد تام للتصادم معها والتفوق على مكنوناتها، فالخطاب التنويري (النموذج) لن يأتي إلا بممارسة ما يقتنع به المثقف بحدود قد تكون مشتركة مع الخليط المجتمعي، وسيجد في ذلك صعوبة في بادئ الأمر، لكنه قادر على تجاوزها، ذلك أن التحرر من قيود التقاليد والرجعية هو بمثابة تحقيق الهوية والانتماء إلى هذا الكائن الفكري. غداً في هذه الزاوية: ماجد الثبيتي