أُعلن في روسيا أن حزب «روسيا الموحدة» الحاكم بقيادة فلاديمير بوتين وديميتري ميدفيديف فاز في الشيشان بنسبة 95.5% من الأصوات. مباشرة، كانت ردة فعل منظمات حقوق الإنسان في العالم أن اعتبرت هذه النتيجة مؤشراً على عدم نزاهة الانتخابات الروسية. الشيشان وبينما الحزب ذاته كان في السلطة أوحتى قياداته شهد حربين دمويتين، أودت بربع الشعب تقريباً إما قتلاً أو تهجيراً أو هرباً، وهذا ما يجعل النتيجة غير منطقية البتة. الشيشان يُحكم الآن من قبل حكومة موالية لروسيا، تحكم فردياً، والشعب المتعب مما يزيد على العقد من الحروب، يخاف سلطة رجل موسكو “رمضان قاديروف” ويخشى من حكمه الدكتاتوري. وفي ظل حالة استتباب الحكم الفردي في روسيا تظاهر الآلاف في العاصمة الروسية موسكو مطالبين ب “رحيل بوتين”. وتشير التقارير إلى دور ملهم ل “الربيع العربي”. يذكر أن حزب “روسيا الموحدة” حصد غالبية الأصوات في الانتخابات البرلمانية منذ يومين. رغم بعض التراجع عن مقاعد العام الماضي. حالة الدكتاتورية في روسيا تعبر عن واقع “جيوبولتيكي”، فرضه الموقع الروسي. فالتناقض بين الهوية الأوروبية والآسيوية، أفرز نوعاً من الثنائية التاريخية، وحتى شعار الدولة يظهر بنسر ذو رأسين متعارضين وكأنه يعبر عن حيرة الدولة الروسية .
التوجه الأوراسي يُعبر عن امبرطورية روسية تتوسع نحو آسيا الوسطى وحتى آسيا البعيدة وتُحكم فردياً، حتى في الاتحاد السوفيتي، ورغم التوجه الأممي كان هذا حاضراً. التوجه التغريبي، يُعبر عن روسيا كدولة غربية ليبرالية، لا تتوسع في خارجها، وتقيم علاقات جيدة مع العالم الديمقراطي. هذا التيار أُقصي من السياسة الروسية في نهايات العام 1994، وكانت مقدمة لحرب الشيشان الأولى. حربا الشيشان كانت انعكاس لهذا التحول. لا بل حروب الشيشان منذ القرن التاسع عشر الميلادي. هذا التناقض أيضاً له انعكاس على الجانب الحضاري لروسيا، فوجه دكتاتوري توسعي في مقابل وجه حضاري مثّله أدباء ومفكرون كبوشكين، وتولستوي، وسولجنيتسن، ولكنهم دوماً أقصوا لصالح الدكتاتوية التوسعية.