إن الحديث عن تدريب وتوظيف طلاب المرحلتين الثانوية والجامعية في العطلة الصيفية تمثل الهاجس الذي يسبب القلق لأولياء الأمور الذين يشعرون بالخوف من أن يؤدي الفراغ والبطالة إلى تأثيرات سلبية على سلوك الأبناء الذين يعانون الفراغ ، فكيف يمكن لأولياء الأمور حماية أبنائهم من الوقوع فريسة للفراغ والبطالة ؟ إن أوقات الفراغ الطويلة، هي مشكلة المشكلات لما تسببه من سلوكيات وانحرافات ضارة جراء جلوس عدد كبير من الشباب لساعات طويلة على المقاهي، أو تسكعهم في المجمعات التجارية وغيرها من الأماكن العامة، لذلك لابدّ من التفكير الجدي في استثمار صيف الشباب بصورة فاعلة على غرار ما تفعله الدول المتقدمة من أعمال ووظائف مؤقتة للطلاب والطالبات سواء في المؤسسات الحكومية أو الخاصة . فمن المؤكد أن تدريب توظيف الطلاب في الإجازة الصيفية لها انعكاسات إيجابية على التنمية الاجتماعية والاقتصادية والأمنية . فتوظيفهم يعني شغل أوقات فراغهم فيما يفيدهم واستثمار طاقاتهم وتعليمهم الاعتماد على النفس مبكراً واكتشاف قدراتهم ورفع كفاءتهم وإعطائهم الخبرات المناسبة وتطوير أخلاقيات وثقافة العمل لديهم وتحسين قدراتهم التنافسية للعمل. ونحن نعلم أن وزارة العمل تسعى لتدريب وتوظيف الطلاب في فصل الصيف وذلك بتوجيههم إلى بعض الشركات الخاصة بموجب خطابات رسمية . ولكن نجد أن هذه الشركات تنقسم إلى قسمين: القسم الأول من الشركات يقوم بتوظيف الشباب وتدريبهم وصقل مهاراتهم وإعطائهم رواتب مجزية وهذا النوع من الشركات لديها حس وطني وتدرك مسؤولياتها الاجتماعية وتعمل على صقل الشباب لتحمل مسؤولياتهم الوظيفية في المستقبل وتساهم في تقليص معدلات البطالة وهذا الشركات محل التقدير .أما القسم الثاني من الشركات فهي توظف الشباب ولكنها لا تدربهم ولا تصقل مهارتهم ، فقط تطلب منهم الحضور للدوام دون عمل أي شيء يوكل إليهم، أو أن توظفهم وتعطيهم رواتب وتطلب منهم عدم الحضور للعمل إلا آخر الشهر لاستلام رواتبهم وهي تستخدم أساليب (التطفيش) لإحباط عزيمة الشباب على العمل وكأنها تقول إن الشباب لا يريدون العمل في القطاع الخاص نحن فتحنا الباب ولم يدخل منه أحد !. وهذا النوع من الشركات ليس لديها حس وطني وتتهرب من مسؤولياتها الاجتماعية والوطنية ، علماً أنها تجني مئات الملايين من الريالات كأرباح سنوية جراء التسهيلات التي تقدمها الدولة للقطاع الخاص وحمايته من المنافسة الأجنبية ، ولكن يبدو أن سيل الأرباح جعل هذه الشركات تبخل حتى في توظيف الطلاب صيفا لتسد رمقهم وتقيهم شر السؤال ! وهذا النوع من الشركات يجب أن تكون معهم وقفة وتحتاج إلى قرارات وإجراءات ملزمة ومتابعة مستمرة من وزارة العمل تجعلهم يفتحون قلوبهم قبل أبوابهم للمواطنين وتجبرهم على تدريب وصقل مهارات الشباب وإعدادهم بشكل جيد للعمل مستقبلاً من خلال البرامج التدريبية على رأس العمل. في نظري لا زال الأمل معقودا على الجهات المسؤولة، خاصةً صندوق تنمية الموارد البشرية في تحفيز القطاع الخاص لتوظيف وتدريب الطلاب وإكسابهم المهارات اللازمة ، وإعدادهم لبناء مستقبل بلدهم بسلاح من العلم والتدريب وصقلهم على التعامل مع متغيرات الحياة.