أوقفني رجل قرب مطعم مثلوثة مزدحم وسألني: أتعرف السفَّاح؟ قلت: هم كثر منهم من حمل الاسم أو اكتسبه بالفعل أو الأمرين معاً. فضحك ثم أشار إلى علامة المطعم: بل السفَّاح من ابتكر وأشاع هذه الأكلة قاتله الله. ثم انصرف متجهماً. وشاع في أطراف المدينة أن أبا الكروش الأصلعاني يحرّض الناس على السفر خارج الرياض صيفاً وأن لا يبقى من سكانها أحد، فزرته محذراً: ألا تخشى غضبة ولي الأمر فيبعث إليك بصاحب الشرطة فيحبسك؟ قال: بل أخاف على الناس إن بقوا صيفاً فلا نشاط لهم سوى المثلوثة وشرب اللبن فيكون الضرر إدماناً ومهلكة! وتحسَّر صاحبنا مشفوح بن قرنفص على هجر ابنه للدراسة في بلاد الفرنجة البيض التي يحكمها أسود لأن لا مثلوثة لديهم وهو لا يطيق عنها صبراً. وكتب سمعوط الفنكوشي خطاباً إلى صاحب ديوان الحركة في الرياض يطالبه أن يمنع القيادة في الرياض من الظهر إلى ما بعد العصر لكثرة المساطيل في الشوارع من أكلة المثلوثة. وكان العلامة الفهامة سبنطط المقرقش أكولاً بخيلاً وكلما أرادت زوجته منه مالاً أطعمته مثلوثة طيبة ثم أعقبتها بكأس من لبن خاثر فيلبّي كلَّ طلباتها دون أن يعي. وقرأت تغريدة يقول صاحبها: كان «المخمس» علامة القوة والجبروت ثم أصبح «الضرب بالخمس» في المثلوثة أقصى المراجل. وكانت الخطَّابةُ برصيصةُ إذا كان زبونها بطيناً بطيء النفس صعب الحركة أقنعته أن لديها فتاة تجيد طبخ المثلوثة. ثم قال شيخي، حماه الله من البِطنة ورزقه الرشاقة إن غادرت الرياض: تجنَّب الإدمان، يابني، على المثلوثة فلم تضرب الأمةَ مؤامرةٌ أخطر منها، ولا تجمَّع اللبن معها فلا تفيق بقية يومك، ولا تتزوج طبّاخة فتجعلك مشروع تسمين. ولا تخرج من بيتك ظهراً فتخدعك روائح مطاعم المثلوثة!