بالنسبة للقارئ العادي يبدو عنوان مثل: «سرد المدن في الرواية والسينما» ثقيلاً، أو موغلاً في خصوصية إن لم تكن مانعة فهي ليست جاذبة، العنوان ذاته بالنسبة لمحبي الرواية عموماً، والسينما خصوصاً، محرض كبير لضمه إلى مكتباتهم، الفقيرة حتماً في مؤلفات ذات قيمة عالية في المجال السينمائي، ما لم تكن لهم قراءات بلغة أخرى غير العربية، (وجوب تحية حارة لأمين صالح مسألة موثوق بصحتها دائما في هذا المكان)، بالنسبة لي ولأنني أحب الثلاثة : الرواية والسينما وسعد البازعي نفسه، فرحت بالكتاب وقدمت قراءته على بقية الكتب التي لم تثقل الكيس هذه المرة، بالرغم من يقيني بسلاسة البازعي وغياب التعالي (والإحالات) فيما يكتب، إلا أن عنوان الكتاب خدعني فعلاً، وبأنانية أقول: ليت المحتوى كان بغزارة وعمق ما أوحى به اسم الكتاب، ما حدث هو أنني التقيت بمجموعة مقالات طيبة، هادئة، لا تلامس غائراً، ولا تُجسِّرعلى عميق، بالذات فيما يخص السينما، من الوقاحة وزيف الشهادة القول بخيانة المحتوى للعنوان، أقول فقط أنه لم يفِ باحتمالاته كاملة، لا يربط الكتاب بين الرواية والسينما، يتعامل معهما كلا على حدة، موفياً بشروطه تجاه الرواية، مبقياً على العيب السعودي الدائم في هذا المجال : الحرص على عدم إغضاب أحد من الزملاء!، إنها ورطة حقيقية : تفضيل الخلق الاجتماعي على التخليق الفني عند نقادنا الأجلاء!، ما يخص السينما في الكتاب يتم تناوله بصفحات قليلة (الكتاب صغيرعموما)، في أقل من ثلاثين صفحة، يحسب لها الإشارة إلى «كوروساوا» المخرج الياباني الكبير، في مقالة وارفة الظلال، ومن مقالة أخرى أقتطف سطراً لأستاذنا سعد البازعي: «لقد شاهدت فيلم أشباح غويا مرتين وهو أمر لا أفعله إلا نادراً..» للتأكيد على عدم اهتمام كبير عند البازعي على الرؤية البصرية، وهو عموماً يؤكِّد ذلك بتواضع الكاتب الكبير والملتزم في مرات عديدة، أهم ما في الكتاب ترجمات البازعي لثلاث محاضرات نبيلة و» نوبلية» أيضاً، إن لم يصح التعبير هنا، صح العبير، مقالات مفاجئة لم يشر إليها اسم الكتاب، مع أنها أهم وأجمل ما فيه، لن أقتطف من حدائقها وردة، فأنا أفضل دعوتكم لزيارة البساتين، هناك يلتقي كل منكم بنفسه، شاكراً للبازعي صنيعته..